(أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ)(١) قرىء بالبناء للفاعل والمفعول (٢). وقيل : المراد بالبنيان مسجد قباء ومسجد بني ضرار (٣) الذي بناه [أبو] عامر الراهب (٤) لعنه الله ، وهو مسجد الضرار.
أ س ف :
الأسف : الغضب والحزن معا ، وقد يطلق على كلّ منهما بانفراده. وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام. فمتى كان على من تحته انتشر (٥) فصار غضبا ، وعلى من فوقه انقبض فصار حزنا. وسئل ابن عباس عن الحزن والغضب فقال : غرضهما واحد واللفظ مختلف ، فمن نازع من يقوى عليه أظهره غيظا وغضبا ، ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزنا وجزعا ، وعليه قوله : [من البسيط]
وحزن كلّ أخي حزن أخو الغضب
وقوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ)(٦) أي أغضبونا ، وذلك على حدّ قوله : (غَضِبَ اللهُ)(٧) بالتأويل المشهور ، وهو إرادة الانتقام. وقيل : أغضبوا عبادنا. قال أبو عبد الله الرّضا : إنّ الله لا يأسف كأسفنا ، ولكن له أولياء يأسفون ويرضون. فجعل رضاهم رضاه ، وغضبهم غضبه ، كما قال : «من عادى (٨) لي وليا فقد بارزني بالمحاربة».
وخصّوا الأسيف بالحزين ، والأسف بالغضبان ، ولذلك جمع بينهما في قوله :
__________________
(١) ١٠٩ / التوبة : ٩.
(٢) ورويت «أسس» بالتخفيف و «بنيانه» بالخفض على الإضافة ، وهي قراءة نصر بن عاصم (مختصر الشواذ : ٥٥).
(٣) ساقطة من ح.
(٤) في المتن أن الذي أمر ببنائه أبو عمرو الراهب المنافق. وفي روح المعاني (١١ / ٢٨) أن الذي أمر ببنائه أبو عامر الذي كناه النبي (ص) بالفاسق ، والدغسيل الملائكة. وقد أسقط الناسخ (أبو) سهوا.
(٥) في الأصل : أشر ، ولا تناسب المعنى.
(٦) ٥٥ / الزخرف : ٤٣.
(٧) ١٤ / المجادلة : ٥٨.
(٨) وفي المفردات : أهان. والحديث عند ابن ماجة ، الفتن : ١٦.