ذلك الجامع إختياريا أو (١) قهريا والجمع أمم ، قوله تعالى : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ)(٢) أي كلّ نوع منها على طريقة قد سخّرها (٣) عليه بالطبع فهي ناسجة كالعنكبوت ، وبانية كالسّرفة (٤) ، ومدّخرة كالنّمل ، ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام إلى غير ذلك من الطبائع التي يختصّ بها نوع دون نوع. وقيل : أمثالكم في الشّقاوة والسعادة. وقيل : في أنّ لهم آجالا مقدّرة كما أنتم. وقيل : أمثالكم في الخلق والموت والبعث.
وعن ابن عباس : الأمة أتباع الأنبياء ومنه أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم (٥). وقوله : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً)(٦) أي دينكم. والأمّة أيضا الطريقة المستقيمة. قال الذبيانيّ (٧) : [من الطويل]
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة |
|
وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع؟ |
وعليه قوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ)(٨) ، قيل : ذو أمّة أي ذو طريقة قويمة.
والأمّة : كلّ جيل في زمن وإن لم يكونوا ناسا ؛ وفي الحديث : «لو لا أنّ الكلاب أمّة تسبّح لأمرت بقتلها» (٩). وفي الحديث : «إنّ يهود بني عوف أمة من المؤمنين» (١٠) تأويله أنّهم بالصلح الذي حصل بينهم وبين المؤمنين كأمّة من المؤمنين (١١) ؛ كلمتهم وأيديهم واحدة.
__________________
(١) في الأصل : أم ، وصوابها هنا كما ذكرنا ، وذلك أن (أم) تأتي إذا سبقت بهمزة التسوية أو بهمزة يطلب بها وبأم التعيين (انظر مغني البيب : ٤١).
(٢) ٣٨ / الأنعام : ٦.
(٣) يعني : سخرها الله.
(٤) السرفة : دودة القز.
(٥) جاء في الهامش : وقد يختصّ بالجماعة الذين بعث فيهم نبي وهم باعتبار البعثة فيهم ودعائهم إلى الله يسمون أمة الدعوة ، فإن آمنوا كلا أو بعضا سمي المؤمنون أمة إجابة. منادي.
(٦) ٩٢ / الأنبياء : ٢١. أمة : منصوبة على الحال. وبرواية الرفع : بدل أو خبر لمبتدأ محذوف.
(٧) البيت الخامس والعشرون من اعتذارية النابغة إلى النعمان. ذو إمة : ذو قصد واستقامة. وذو أمة : ذو دين وطاعة.
(٨) ١١٣ / آل عمران : ٣.
(٩) النهاية : ١ / ٦٨.
(١٠) المصدر السابق.
(١١) أي كجماعة منهم.