والأمان والأمانة في الأصل مصادر. وتجعل الأمانة اسم الحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن تارة ، ولما يؤتمن عليه الإنسان أخرى ، نحو : (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ)(١) أي ما أئتمنتم عليه. قال تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ)(٢). قيل : [هي](٣) كلمة التوحيد ، وقيل : العدالة ، وقيل : العقل ، وقيل : حروف التهجّي ؛ بل بحصوله يعلم كلّ ما في طوق (٤) البشر ، وبه فضّل على كثير ممّن خلقه تفضيلا. وقال الحسن : هي الطاعة ، وقيل : العبادة.
وفي الحديث : «الأمانة غنى» (٥) أي سبب الغنى ، لأنّه متى عرف بالأمانة كثر معاملوه. وقوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٦). قيل : آمنا من النار. وقيل : لفظه خبر ، ومعناه الأمر. وقيل : من بلايا الدّنيا. وقيل : الاصطلام (٧). وقيل : آمن في حكم الله تعالى ، كقولك : هذا حلال وهذا حرام في حكم الله. والمعنى : لا يجب أن يقتصّ منه (٨) ولا يقتل فيه إلا أن يخرج منه. ومثل ذلك : (جَعَلْنا حَرَماً آمِناً)(٩).
وقوله : (أَمَنَةً نُعاساً)(١٠) هي بمعنى الأمن ، وذلك أن النوم منتف عن الخائف. والآمن هو الذي يتطرّق إليه النّوم. وقيل : هي جمع آمن نحو كتبة وكاتب. وفي حديث [نزول](١١) المسيح : «وتقع الأمنة (١٢) في الأرض».
وقوله : (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)(١٣) أي منزله الذي يأمن فيه. وقوله : (فِي مَقامٍ
__________________
(١) ٢٧ / الأنفال : ٨.
(٢) ٧٢ / الأحزاب : ٣٣.
(٣) إضافة يقتضيها السياق.
(٤) كذا عن المفردات ، وفي الأصل : طور.
(٥) النهاية : ١ / ٧١. ولعل الصواب قوله : إذ بحصوله.
(٦) ٩٧ / آل عمران : ٣.
(٧) الإصطلام : الإستئصال ، وقصده : يأمن الإصطلام.
(٨) الضمير عائد على الضمير المذكور في الآية.
(٩) ٦٧ / العنكبوت : ٢٩.
(١٠) ١٥٤ / آل عمران : ٣.
(١١) إضافة من النهاية : ١ / ٧١.
(١٢) في الأصل : ونزل. والتصويب من المفردات واللسان والنهاية.
(١٣) ٦ / التوبة : ٩.