أَمِينٍ)(١) لأنّ أهله أمنوا فيه من العذاب والفقر (٢). وقوله : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)(٣) يعني به مكة ، لأنّ غيرها من البلاد كان أهلها يغير بعضهم على بعض. ومكة آمنة من ذلك.
قوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(٤) أي بمصدّق ؛ لأنّ الإيمان هو التصديق الذي معه أمن. قوله : (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)(٥) فهذا ذمّ لهم وتهكّم بهم ، وأنهم قد حصل لهم الأمن من وجه لا يصحّ معه أمن ، لأنّ طبيعة القلب السليم ألّا يطمئنّ إلى الباطل ، وعليه قول الشاعر : [من الوافر]
تحية بينهم ضرب وجيع
[كما يقال :](٦) وإيمانه الكفر. أي جعلت التحية ضربا والإيمان كفرا.
والإيمان لغة : التصديق ، وعند كثير من أهل العلم اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. ولم يشترط الأشاعرة عمل الأركان.
وأمن يقال باعتبارين أحدهما أمن غيره أي حصل له الأمن ، ومنه وصفه تعالى بالمؤمن. والثاني أنه صار ذا أمن ، فيكون قاصرا نحو : أمن زيد كأبقل (٧) المكان وأعشب. ولكونه مضمّنا للتّصديق عدّي بالباء في (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(٨) أي يصدّقون بجميع ما أخبر به النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أمور الآخرة الغائبة عنهم. ومنه قوله عليه الصلاة والسّلام : «ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب» (٩). وقد جعل النبيّ صلىاللهعليهوسلم الحياء
__________________
(١) ٥١ / الدخان : ٤٤.
(٢) وفي الغريبين (ص ٩٢) : العذاب والغير.
(٣) ٣ / التين : ٩٥.
(٤) ١٧ / يوسف : ١٢.
(٥) ٥١ / النساء : ٤.
(٦) إضافة توضيحية نقلناها عن المفردات.
(٧) كذا في س ، وفي ح : نحو أبقل.
(٨) ٣ / البقرة : ٢.
(٩) رواه سفيان بن عيينة ، وسعيد بن منصور ، والحاكم ، وصححه (الدر المنثور : ١ / ٢٦). وفيه رواية : «ما آمن أحد ..».