نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١) ، ولذلك قال ابن عرفة : حتى تنظروا أيؤذن لكم)؟ (٢) أم لا؟ وفي الحديث : «السّلام عليكم أأدخل؟ ثلاثا ، فإن أذن له وإلا رجع» (٣) قال الأزهريّ : من يقول من العرب : أذهب فاستأنس ، هل ترى أحدا؟ معناه تبصّر. قال الذّبيانيّ : [من البسيط]
كأنّ رحلي وقد زال النّهار بنا |
|
يوم الجليل (٤) على مستأنس وحد |
أي : على ثور متبصّر ، هل يرى صائدا فيحذره؟
والإنس خلاف النفور. والإنسيّ منسوب (٥) [إلى الإنس](٦) ، ويقال لكلّ ما يؤنس به ، ولمن كثر أنسه. ومنه قيل لما يلي الراكب من جانبي الدابة ، وما يقابل الرامي من جانبي القوس : إنسيّ ، وللجانب الآخر وحشيّ. فالإنسيّ من كلّ شيء : ما يلي الإنسان ، والوحشيّ : الجانب الآخر.
والإنسان مشتقّ من الأنس ، وزنه فعلان لأنه لا قوام له إلا بأنس آخر من جنسه. ولذلك قيل : الإنسان مدنيّ ، وجمعه أناسيّ وأصله أناسين ، فأبدلت النون ياء وأدغمت كطراينّ في طرايين جمع طريان. وجعل الراغب الأناسيّ جمعا لإنسيّ وليس بصواب (٧) لما ذكرته في موضعه ، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
وقيل : إنسان أصله إنسيان فحذفت ولذلك صغّروه على أنيسيان (٨). قالوا : مشتقّ من النّسيان ، وأنشدوا : [من الكامل]
سمّيت إنسانا لأنك ناس
__________________
(١) ٩ / الحجر : ١٥.
(٢) الكلام بين قوسين ساقط من س.
(٣) في الموطأ كتاب الاستئذان : ٢ : «الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل والا فارجع». وانظر صحيح مسلم : الأدب : ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٧. كما أخرجه أبو داود برقم : ٥١٧٧ ، ٥١٧٨ ، ٥١٧٩ ، ٥١٨٥.
(٤) رواية الديوان (ص ٦) : بذي الجليل.
(٥) كذا في س ، وفي ح : والإنس مطلوب.
(٦) إضافة يقتضيها السياق.
(٧) صوب قول الراغب : «وجمع الإنس أناسيّ» (المفردات ٢٨) وكذا قول ابن منظور.
(٨) وفي الأصل : أنيسان.