والناس عندهم من ذلك ، وأصله نسي ثم قلبت الكلمة. وسيأتي إن شاء الله تحقيق ذلك في باب النون.
أ ن ف :
الأنف معروف ، ولعزّة مكانه سمّوا به كلّ عزيز. قالوا : أنف الجمل لأعلاه ، ورغم أنفه (١) أي لصق بالرّغام وهو التراب ، وترب أنفه. ويقولون في المتكبّر : شمخ بأنفه (٢). ونسبوا الحميّة والعزّة له ، قال الشاعر : [من الطويل]
إذا غضبت تلك الأنوف [لم ارضها](٣) |
|
ولم أطلب العتبى ولكن أزيدها |
وأنف فلان من كذا : استنكف. والأنفة : الحميّة. واستأنفت الشيء : ابتدأته ، وحقيقته ؛ أخذت بأنفه مبتدئا به ، ومنه : (ما ذا قالَ آنِفاً)(٤) أي مبتدئا. قال الشاعر في بني أنف الناقة (٥) : / [من البسيط]
قوم هم الأنف ، والأذناب غيرهم |
|
ومن يساوي بأنف الناقة الذّنبا؟ |
قيل : كانوا يكرهون النسبة إليه حتى قيل هذا الشعر ، فصار أحبّ إليهم من كلّ شيء.
قوله تعالى : (ما ذا قالَ آنِفاً) أي الساعة. وحقيقته ما قدّمته أنه من استأنفت (٦) الشيء أي ابتدأته. والمعنى : ماذا قال في أول وقت يقرب من وقتنا؟ وروض أنف : لم ترع قبل ذلك ، ومنه حديث أبي مسلم (٧) الخولانيّ : «ووضعها في أنف من الكلأ» يقول : يتتبّع بها المواضع التي لم ترع قبل الوقت الذي دخلت فيه. وكأس أنف : لم يشرب فيه قبل ذلك.
__________________
(١) راء رغم ثلاثية.
(٢) وفي س : شمخ أنفه.
(٣) ساقط من الأصل ، والإضافة من المفردات : ٢٨.
(٤) ١٦ / محمد : ٤٧.
(٥) البيت للحطيئة كما في الديوان : ١٢٨ ، وفيه : ومن يسوّي.
(٦) في ح : استأنف.
(٧) في ح : مسلم ، وفي س : ابن مسلم ، والمشهور ما ذكرناه ونسبته إلى خولان بن عمرو. نزل أبو مسلم الشام مع قبيلته وروى عنه أهل الشام. وهو عبد الله بن ثوب ، توفى زمن معاوية. والحديث مذكور في النهاية : ١ / ٧٦ وفيه بقية.