وإمّا بعصيانهم ، وفي ذلك إنباء بالمغيّبات ، فإنه أخبر بذلك قبل وقوعه ، وفي الرّضا بما وظّفه عمر قبل وجوده (١).
وقوله : عدتم من حيث بدأتم ، في علم الله وفيما وصّى أنهم سيسلمون ، فعادوا من حيث بدؤوا.
[الابتداء : هو أول جزء في المصراع الثاني. وهو عند النّحويين تعرية الاسم عن العوامل اللفظية للإسناد نحو : زيد منطلق ، وهذا المعنى عامل فيهما. ويسمى الأول مبتدأ ومسندا إليه ومحدّثا عنه ، والثاني خبرا وحديثا ومسندا. والإبتداء العرفيّ يطلق على الشيء الذي يقع قبل المقصود فيتناول الحمدلة بعد البسملة](٢).
ب د ر :
المبادرة : المسارعة إلى الشيء ، قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا)(٣). [أي مسارعة](٤) يعني أنهم كانوا يسرعون في أكل أموال اليتامى ويبادرون ، ولذلك كرّههم (٥) لئلا ينزعوها منهم.
وبدرت وبادرت إليه بمعنى. وقيل : بدر عليه في ذلك. يقال : بادرته فبدرني (٦) نحو : سابقته فسبقني. فالمعنى : لا يبادروا بلوغهم بإنفاق أموالهم. ومنه قيل للقمر بدر لأنّه يبدر مغيب (٧) الشمس بالطلوع ، أي يسبقها. وقيل : لامتلائه تشبيها بالبدرة. قال الراغب : فعلى ما قيل يكون مصدرا بمعنى الفاعل ، والأقرب عندي (٨) أن يجعل البدر أصلا
__________________
(١) يعني : بما وظفه على الكفرة من الجزية في الأمصار.
(٢) ما بين القوسين الكبيرين جاء في الهامش ، وختمه كاتبه بالحرف «ت» وهو رمز «التعريفات» للجرجاني : ص ٢٠.
(٣) ٦ / النساء : ٤.
(٤) فراغ في الأصل والإضافة من المفردات : ٣٨. وجاء مكانها في الغريبين : ١ / ١٤٢ : مبادرة.
(٥) الكلمة ساقطة من ح.
(٦) وفي الأصل : فبدر أي ، والسياق يؤكد ما ذكرناه.
(٧) وفي الأصل : يبدر الشمس مغيب الشمس.
(٨) أي عند الراغب.