وَالْأَرْضِ)(١) فبركات السماء : مطرها ، وبركات الأرض : نباتها. والمبارك : اسم مفعول من ذلك وهو ما فيه البركة. قال تعالى : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ)(٢)(فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٣) ذلك لما فيه من أصول الخيرات الثابتة الدنيوية والدينية ، وكلّ ما لا يتحقّق فيه زيادة فيحصل في متعلقاته إذا فسّرناها بالزيادة. فقولنا تبارك وتعالى أي تزايد خيره على خلقه ، و (فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) أي كثر خيرها لأنها مدّ في زمانها. قال الأزهريّ : تبارك أي تعالى وتعاظم. ابن عرفة : هو تفاعل من البركة وهو الكثرة والإتساع. قلت : يريد ما ذكرته ، ولا يقال ذلك إلّا لله تعالى ، فلا يقال : تبارك فلان ، نصّ عليه أهل العلم.
قال الراغب : وكلّ موضع ذكر فيه لفظة «تبارك» فهو تنبيه على اختصاصه بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك وقوله : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ) تنبيه على ما يقتضيه من الخيرات الإلهية. وقوله : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً)(٤) إشارة إلى قوله : (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ)(٥) وقوله : (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً)(٦). أي مكانا يوجد فيه الخير الإلهيّ يصدر من حيث لا يحسّ وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر. قيل : كلّ ما شاهد منه زيادة غير محسوسة ، قيل لتلك الزّيادة بركة ولما هي فيه مبارك. وإلى هذا أشار عليه الصلاة والسّلام : «ما ينقص مال من صدقة» (٧) لا إلى النقصان المحسوس كما أشار إليه بعض الزنادقة ، وقد قيل له ذلك [فقال :](٨) بيني وبينك الميزان.
وقوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً)(٩) إشارة إلى ما يفيضه علينا من نعمه المتكاثرة قال الراغب : بواسطة هذه النجوم والنّيرات. وقوله تعالى : (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها)(١٠) ، يقال : بورك الشيء وبورك فيه.
__________________
(١) ٩٦ / الأعراف : ٧.
(٢) ٥٠ / الأنبياء : ٢١.
(٣) ٣ / الدخان : ٤٤.
(٤) ٩ / ق : ٥٠.
(٥) ٢١ / الزمر : ٣٩.
(٦) ٢٩ / المؤمنون : ٢٣.
(٧) صحيح الترمذي ، باب الزهد ، الحديث : ١٧ ، وفيه : «.. مال عبد ..».
(٨) ساقط من الأصل ، أضفناه من مفردات الراغب : ٤٤.
(٩) ٦١ / الفرقان : ٢٥.
(١٠) ٨ / النمل : ٢٧.