البشرة ظاهر الجلد ، والأدمة : باطنه ، نقله الراغب عن عامّة الأدباء (١). وجمعها بشر وأبشار.
والبشر : مجتمع فيه الواحد والجمع كقوله : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ)(٢)(ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ)(٣) ، لكنّه يثنّى كقوله : (أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا)(٤) ، وينبغي أن يكون هذا مثل ذلك في دلاص وهجان ، أعني أنه جمع تكسير. والتعبير فيه تقديريّ لوجود التّثنية ، كما قال سيبويه في هذه الأحرف (٥).
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)(٦) إنّما قال : (بَشَراً) لأنّه خصّ في القرآن كلّ موضع اعتبر في الإنسان حسيّه وظاهره بلفظ البشر.
ولما أراد الكفار الغضّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام اعتبروا ذلك (فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ)(٧)(أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ)(٨)(ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ). وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) تنبيه أنّ الناس يتساوون في البشرية ولكن يتفاضلون في المعارف الجليلة (٩). ولقد أعقبه بقوله : (يُوحِي إِلَيَ)(١٠) يعني أنا وإن شاركتكم في البشريّة إلا أنّ الله تعالى خصّني من بينكم بهذا الإيحاء. تنبيها بما ميّز به عليهم. وقوله : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ)(١١) تنبيه أنه لحسنه الفائق يمتنع أن يكون بشرا بل ملك ، لأن البشر يقدّم لهم مثل هذا. وفي
__________________
(١) ويتابع الراغب (ص ٤٧) قوله : «وقال أبو زيد بعكس ذلك وغلط أبو العباس وغيره.
(٢) ١١٠ / الكهف : ١٨.
(٣) ١٥ / يس : ٣٦.
(٤) ٤٧ / المؤمنون : ٢٣.
(٥) يقول سيبويه (الكتاب : ٣ / ٦٣٩): «وزعم الخليل أن قولهم : هجان للجماعة بمنزلة ظراف ، وكسّروا عليه فعّالا ... وقالوا : درع دلاص وأدرع دلاص ، كأنه كجواد وجياد ، وقالوا : دلص كقولهم هجن. يدلك على أن دلاصا وهجانا جمع» وهكذا عدّهما جمعا مكسّرا.
(٦) ٥٤ / الفرقان : ٢٥.
(٧) ٢٤ / القمر : ٥٤.
(٨) ٤٧ / المؤمنون : ٢٣.
(٩) في الأصل : الحلية ، ولعله كما ذكرنا.
(١٠) ٥٠ / سبأ : ٣٤.
(١١) ٣٣ / المؤمنون : ٢٣.