الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وبالصلوات الخمس. وقيل : الصحيح أنها كلّ عبادة يقصد بها وجه الله وطاعته ، ولذلك قال : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ)(١) فأضافها لنفسه الكريمة. وقيل : معنى (بَقِيَّتُ اللهِ) ما أبقي من الحلال خير لكم. وقال مجاهد : طاعة الله خير لكم. وقال الهرويّ : يجوز أن يكون الحال التي يبقى معها الخير خير لكم.
قوله : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)(٢) يجوز أن يكون التقدير : من طائفة باقية أو من فعلة باقية ، وقيل : بمعنى بقيّة ، وقيل : هي مصدر ، والمصادر قد جاءت على فاعلة نحو العاقبة ، وعلى مفعول نحو الميسور ، والأول أصحّ التّقادير لظهور معناه.
قوله : (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) / (٣) ، قال ابن عرفة : أي أولو تمييز وأولو طاعة. يقال : إنه لذو بقية أي فيه خير والمعنى : هلّا كان من أهل الخير من ينهى عن الفساد؟ (٤). قال : قال الأزهريّ : البقيّة اسم من الإبقاء ، كأنه قيل : هلّا كان أولو إبقاء على أنفسهم لتمسّكهم بالدين المرضيّ؟ وقال ابن عرفة : «أولو بقية» أي فضل مما يمدح به. وقال القتيبيّ : قولهم : لهم بقية أي مسكة ، وفيهم خير.
وقوله : (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى)(٥) يعني رضاض الألواح (٦) التي ذكرها الله تعالى في قوله : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ)(٧) وكانوا قد جعلوها في هذا التابوت في قصة طويلة (٨). ويقال : بقيت زيدا : انتظرته ، أبقيه بقيا (٩). وفي الحديث : «بقينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (١٠) أي انتظرناه ، وترصّدنا له مدة كبيرة. فمعنى البقاء فيه موجود.
__________________
(١) ٨٦ / هود : ١١.
(٢) ٨ / الحاقة : ٦٩.
(٣) ١١٦ / هود : ١١.
(٤) والكلام مذكور في الغريبين : ١ / ١٩٨.
(٥) ٢٤٨ / البقرة : ٢.
(٦) رضاض الشيء : فتاته (اللسان ـ رضض) يقال إن الألواح تكسرت حين عاد ورأى قومه يعبدون العجل. وجاء في الغريبين : ١ / ١٩٩ : فضاض ومعناه : ما تفرّق من الشيء عند الكسر.
(٧) ١٤٥ / الأعراف : ٧.
(٨) انظرها في كتابنا «معجم أعلام القرآن» مادة ـ موسى ومادة هارون.
(٩) يقول في الأخيرة ابن منظور : لغة بلحرث بن كعب.
(١٠) النهاية : ١ / ١٤٧.