الْبَلَدِ الْأَمِينِ)(١) ، فأتى بمكة معرّفا ومنكرّا ، فقيل : إنه في حال التنكير لم يكن بلدا بل كان برّيّة ، فقال : (اجْعَلْ) في هذا المكان القفر بلدا من بلدان الناس يسكنونه لعمارة حرمك وزيارة نبيّك. وفي حال التعريف كان قد صار بلدا وسكنى ، فأتى به معرّفا. وقيل : لأنّه عليه الصلاة والسّلام علم أن يكون به سكن الناس فأتى به كالشاهد.
وسمي البلد بلدا لتأثّره بسكانه واجتماع قطّانه وإقامتهم فيه. والبلد هو المكان المحدود ، وغالبا يكون مسوّرا وقد لا يكون.
وقوله : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ)(٢) المراد به الأرض من غير نظر إلى تدبّر أحد فيها. وقيل : كني بذلك عن الأنفس الزكية ، وبعكسه عن الأنفس الخبيثة. ولاعتبار الأثر في البلد قيل : في جلده بلد أي أثر. ويجمع على أبلاد. قال الشاعر (٣) : [من البسيط]
وفي النّجوم (٤) كلوم ذات أبلاد
فرقا بينه وبين المكان ، فإنّ جمعه بلاد ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ)(٥) وبلدان.
وأبلد الرجل : صار ذا بلد كأنجد وأتهم. وبلد بالكسر : لزم البلاد. ولما كان الملازم لوطنه كثيرا ما يتحيّر إذا حصل في غير موطنه ، قيل : بلد فلان أي تحيّر في أمره ، وأبلد وتبلّد بمعناه قال الشاعر : [من الطويل]
ولا بدّ (٦) للمحزون أن يتبلّدا
والأبلد : العظيم الخلق ، وذلك أنّ وجود البلادة يكثر في من كان جلف البدن ، قاله الراغب (٧)
__________________
(١) ٣ / التين : ٩٥.
(٢) ٥٨ / الأعراف : ٧.
(٣) البيت للقطامي (اللسان ـ بلد).
(٤) ويروى : وفي النحور ، كما في اللسان.
(٥) ١١ / الفجر : ٨٩.
(٦) في الأصل : ولا بدع ، والعجز من شواهد الراغب : ٥٩.
(٧) المفردات : ٦٠.