والثاني : إنّا نقدر على أن نجمع أصغر عظامه ونؤلّفها بعد تمزيق جلدها وعصبها. وإذا قدرنا على جمع هذه مع دقّتها فلأن نقدر على جمع كبارها أولى وأحرى ، وهذا أليق بسياق الآية.
وقوله : (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ)(١) إنّما خصّها لأنّها أنفع الأعضاء في مزاولة الأشياء لا سيمّا في القتال.
ب ن و :
الإبن عند الجمهور لامه واو ، حذفت لامه وعوّض عنها همزة الوصل أوله كاسم ، وابنة مؤنثة وكذلك بنت ، إلا أنهم عوّضوا من لامها تاء التأنيث ، وسمي تاء العوض كتاء أخت. ويكسّر ابن على أبناء (٢) ، ويصحّح (٣) فيرفع بالواو وينصب ويجرّ بالياء.
قال تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٤)(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ)(٥)(يا بَنِي إِسْرائِيلَ)(٦)(وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ)(٧)
وقيل : ابن اشتقاقا من البناء لأنّه بناء أبيه أي أصل في وجوده ، وقيل لكلّ من كان يحصل من جهته تبنّ أو من تربيته هو ابنه ، ولملازم الشيء نحو : هو ابن السبيل ، وابن الحرب.
وقوله : (هؤُلاءِ بَناتِي)(٨) وقوله : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ)(٩) أراد نساء أمّته وسماهنّ (١٠) بناته لأنّ النبيّ أب لأمّته حسبما قدّمنا في صدر هذا الكتاب. ومعناه :
__________________
(١) ١٢ / الأنفال : ٨.
(٢) لأن أصله بنو.
(٣) أي يجمع جمع مذكر سالما.
(٤) ٤٦ / الكهف : ١٨.
(٥) ٨٨ / الشعراء : ٢٦.
(٦) ٤٠ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٧) ١٠٠ / الأنعام : ٦.
(٨) ٧٨ / هود : ١١ ، وغيرها.
(٩) ٧٩ / هود : ١١.
(١٠) في الأصل : سماهم.