بَنُونَ)(١). وعلى ذلك قوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى)(٢). وقوله : (أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا)(٣) أي من جملتنا.
وقوله : (لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)(٤) أي متقدّما له من الإنجيل ونحوه. وقوله : (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)(٥) أي راعوا الأحوال التي تجعلكم من القرابة والوصلة ، وقيل : معنى حقيقة وصلكم وذلك أن ذات كذا بمعنى صاحبة كذا ، أو كأنّه قيل : أصلحوا صاحبة وصلكم وصاحبة وصلهم [على] ما قدّمنا ذكره معنى القرابة (٦) وغيرها.
والبيّنة : الأمر الواضح ، ومنه قيل : (إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي)(٧) أي أنا على (أمر واضح ظاهر). والبيّنة : الحجّة ، ومنه : «البيّنة على المدّعي» (٨) لأنّ بها ينكشف الحقّ ويتّضح. والبيّنة : الدّلالة الواضحة عقلية كانت أو حسيّة. وقال بعضهم : البيان على ضربين : أحدهما أن يكون بالتّنجيز ، وهي الأشياء التي تدلّ على حال من الأحوال من آثار صنعه. والآخر بالاختبار ، وذلك إما أن يكون كتابة أو إشارة أو نطقا ، فممّا هو بيان الحال كقوله تعالى : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٩). وما هو بيان بالاختبار كقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١٠). ويسّمى الكلام بيانا لأنه يكشف المقصود.
والبيان قد يكون فعلا أيضا ، ومنه قول الفقهاء : بيان المجمل ، لأنه يكشفه ويوضّحه فالبيان أعظم من النطق لما عرفت. ويقال (١١) : آية مبيّنة ، وآيات مبيّنات باسم الفاعل على
__________________
(١) ٨٨ / الشعراء : ٢٦.
(٢) ٩٤ / الأنعام : ٦.
(٣) ٨ / ص : ٣٨.
(٤) ٣١ / سبأ : ٣٤.
(٥) ١ / الأنفال : ٨.
(٦) وفي س : القرآن.
(٧) ٥٧ / الأنعام : ٦ ، وما بين قوسين بعدها ساقط من ح.
(٨) وتمام الحديث : «فالبينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه» (البخاري ـ باب الرهن ، رقم ٦) وفي مفردات الراغب : «.. واليمين على من أنكر».
(٩) ١٦٨ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(١٠) ٤٤ / النحل : ١٦.
(١١) في الأصل : وقرىء. ولا يوجد آية فيها «مبينة» مع كل كلمة «آية» ، وإن وجدت «آياتٍ مُبَيِّناتٍ» * لكن ـ