معنى أنها بيّنت ما أريد منها ، وباسم المفعول على معنى أنّ الله قد بيّنها على لسان رسله.
وقوله : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)(١) / أي إخراجه من حدّ الإجمال إلى حدّ البيان. وقوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ)(٢) أي لا يكاد يفهم ما يتكلّم به : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) الآية (٣). أي أنّه فاصلة بين الحقّ والباطل تقوم عليه بها الحجة وتلزمه العقوبة.
وقوله : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)(٤) الآية ، يعني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورسالته. وقوله [ص](٥) : «إنّ من البيان لسحرا». قال أبو عبيد : هو من الفهم وذكاء القلب مع اللّسن (٦). وأبان ولده : أعطاه مالا يبيّنه به ، والاسم البائنة. قال أبو زيد : لا يقال : بائنة إلا إذا كان الإعطاء من الوالدين أو أحدهما. وعن أبي بكر يقول لعائشة رضي الله عنها : «إني كنت أبنتك بنحل» (٧) ، وفي حديث النعمان (٨) الطويل أنه قال «فهل أبنت كلّ واحد منهم مثل ما أبنت هذا؟» أي أعطيته البائنة.
قال الراغب : بين موضوع للخلالة (٩) بين الشيئين ووسطهما ، كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً)(١٠). يقال : بان كذا أي انفصل وظهر ما كان مستترا. ولمّا اعتبر فيه معنى الظهور والانفصال استعمل في كلّ واحد مفردا ، حتى قيل للبئر البعيدة القعر : بيون لانفصال الحبل من يد صاحبه. وبان الصّبح : ظهر ، والله أعلم (١١).
__________________
ـ قصد المؤلف أن تأتي الكلمة مفردة وجمعا ، على صيغة اسم الفاعل وصيغة اسم المفعول. والمعنى : لا لبس فيها.
(١) ١٩ / القيامة : ٧٥.
(٢) ٥٢ / الزخرف : ٤٣.
(٣) ٤٢ / الأنفال : ٨.
(٤) ١ / البينة : ٩٨.
(٥) إضافة المحقق. والحديث في النهاية : ١ / ١٧٤.
(٦) اللسن : الفصاحة.
(٧) النهاية : ١ / ١٧٥ ، والمعنى : أعطيتك.
(٨) أي النعمان بن بشير. والحديث في النهاية : ١ / ١٧٥.
(٩) كذا في المفردات : ٦٧ ، وفي الأصل : للخلل.
(١٠) ٣٢ / الكهف : ١٨.
(١١) جاء في هامش ح : «قال الحرالي : والتبيين انقطاع الشيء مما يلابسه ويداخله. والمراد المبالغة في البيان بما يفهمه صيغة التفعيل. وقال المولى حسن : وهو أعم من أن ينص بالمقصود أو يرشد لما يدل عليه كالقياس ودليل العقل. مناوي».