ويقال : ترب الرجل : افتقر. وأترب : استغنى بمعنى صار ماله كالتّراب. وقوله عليه الصلاة والسّلام ، وقد قسّم الأزواج : «عليك بذات الدّين تربت يداك» (١). قال الراغب : وريح تربة (٢) : تأتي بالتّراب. ومنه قوله : «تربت يداك» تنبيها أنه [لا](٣) تفوتك ذات الدّين ، فلا يحصل لك ما ترومه ، فتفتقر من حيث لا تشعر ، كذا فسره ، وهو تفسير باللازم البعيد. قال أبو عبيد : نرى أنّه عليه الصّلاة والسّلام لم يتعمّد الدعاء عليه بالفقر ، لكنها كلمة جارية على ألسنة العرب (٤). وقيل ؛ هو مثل قولهم : هوت أمّه ، ولا أب له ، ولا أمّ له. ولم يقصدوا الدعاء ، وإنّما قصدوا : لله درّه. ومنه قول كعب بن سعد (٥) : [من الطويل]
هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا |
|
وما ذا يؤدّي الليل حين يؤوب |
فظاهره : أهلكه الله ، وباطنه لله درّه. ومثله قول جميل بن معمر (٦) : [من الطويل]
رمى الله في عيني بثينة بالقذى |
|
وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح (٧) |
أراد : ما أحسن عينيها! وبالغرّ : سادات قومها. وقال عليه الصلاة والسّلام في حديث خزيمة : «أنعم صباحا تربت يداك» (٨) ، فهذا دعاء له فقط [وترغيب](٩) : أنعم صباحا.
__________________
(١) النهاية : ١ / ١٨٤.
(٢) ضبطها شارح المفردات : ٧٤ بضم ففتح.
(٣) إضافة المحقق من المفردات.
(٤) لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به.
(٥) هو كعب بن سعد بن عمر بن عقبة الغنوي أحد بني سالم بن عبيد ، أحد شعراء الجاهلية ، اشتهر بكعب الأمثال لكثرة ما ورد في شعره من الأمثال. وبيته هذا من مراثي العرب المشهورة. انظر : معجم الشعراء : ٢٢٨ ، الأصمعيات : ٩٥ ، مجالس ثعلب : ١١٥. ومعنى هوت أمّه : هلكت أو ثكلته أمه.
(٦) مطلع لقطعة من ديوانه : ١٨ ، وفي اللسان ـ مادة قدح.
(٧) في الأصل : بالبوارح ، والتصويب من الحاشية السابقة.
(٨) النهاية : ١ / ١٨٤.
(٩) فراغ في الأصل ، والسياق يقتضي ما ذكرنا ، وهو مذكور في النهاية ، ويقصد أنه دعاء له بدليل قوله : أنعم صباحا.