فالثواب ما يرجع من الجزاء إلى العامل من حسن وسيء (١). وقيل : أصل الثواب رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها أو إلى حالة المقدّر (٢) المقصودة بالفكرة ، وهي الحالة المشار إليها بقولهم : آخر الفكرة أول العمل (٣). فمن الأول : ثابت إليه نفسه ، وثاب إلى داره. ومن الثاني : الثّوب سمّي بذلك لأنّ الغزل رجع إلى الحالة التي قدّر لها بالفكرة ، والثواب من ذلك.
وإنّما سمّي الجزاء ثوابا تصوّرا أنه هو [هو](٤). ألا ترى كيف جعله نفس الفعل في قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)(٥) ، ولم يقل : يجزاه. والثّواب وإن استعمل في الخير والشرّ كما تقدّم إلا أنّه غلّب في الخير ، وكذلك المثوبة والإثابة ، فإن وقعت المثوبة والإثابة في المكروه نحو : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً)(٦)(فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ)(٧). فمن باب الاستعارة كاستعارة البشارة بالعذاب على التهكّم ، قيل : ولم يجىء الثّتويب في القرآن إلا في المكروه نحو : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)(٨) ، معناه : جوزي ، وهو تهكّم أيضا.
وقوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ)(٩) حمل على ظاهره وقيل : أراد النفس كقول الشاعر (١٠) : [من الطويل]
ثياب بني عوف طهارى نقيّة |
|
وأوجههم عند المشاهد (١١) غرّان |
__________________
(١) وفي س : أو سيء.
(٢) لعل الصواب : الحالة المقدّرة.
(٣) الجملة منقولة من المفردات : ٨٣ ، وفيها : أول الفكرة آخر العمل.
(٤) إضافة المحقق للضرورة.
(٥) ٧ / الزلزلة : ٩٩.
(٦) ٦٠ / المائدة : ٥.
(٧) ١٥٣ / آل عمران : ٣.
(٨) ٣٦ / المطففين : ٨٣.
(٩) ٤ / المدثر : ٧٤.
(١٠) البيت لامرىء القيس ، الديوان : ٧٦ ، وفي اللسان مادة ثوب.
(١١) وفي رواية اللسان : بيض المسافر.