قوله : (فِي جَنْبِ اللهِ)(١) أي في أمره وحدّه الذي حدّه (٢) لنا ، فاستعير ذلك لأوامره ونواهيه ، أي على ما في أوامره ونواهيه. يقال : ما فعلت في جنب حاجتي أي في أمرها ، قاله ابن عرفة وأنشد قول كثيّر عزّة (٣) : [من الطويل]
ألا تتّقين الله في جنب عاشق |
|
له كبد حرّى عليك تقطّع؟ |
وعن الفراء : (فِي جَنْبِ اللهِ) أي في قربه وجواره.
وجانب الشيء : جنبه. ومنه قوله تعالى : (أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ)(٤) كناية عن تكبّره نحو : (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٥) ، (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ)(٦) ، (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ)(٧) كلّه بمعنى التّكبّر ، لأنّ المتكبّر يفعل ذلك غالبا.
وقوله : (دَعانا لِجَنْبِهِ)(٨) يعني مضطجعا لجنبه ، ولهذا عطف عليه (قاعِداً أَوْ قائِماً) والمعنى : دعا في سائر أحواله لأنّ الإنسان لا يخلو حاله عن إحدى هذه الهيئات.
وقوله : (وَالْجارِ الْجُنُبِ)(٩) يعني القريب (١٠) ، قيل له ذلك لمجانبته من يجاوره نسبا ومنزلا.
يقال : رجل جنب ، ورجال جنب ، وامرأة جنب ، وهما جنبان ، والمطابقة قليلة.
وكذلك الجنب من الجنابة الموجبة للغسل يستوي فيها الواحد وغيره. قال تعالى : (وَإِنْ
__________________
(١) ٥٦ / الزمر : ٣٩.
(٢) في الأصل : حدّ ، بلا ضمير.
(٣) الديوان : ٤٠٩ ، وفيه : تصدّع. وهو مذكور في التاج من غير عزو ، مادة ـ جنب ، على رواية الأصل.
(٤) ٨٣ / الإسراء : ١٧.
(٥) ٩ / الحج : ٢٢.
(٦) ٥ / هود : ١١.
(٧) ١٨ / لقمان : ٣١.
(٨) ١٢ / يونس : ١٠ ، وما بعده تابع لها.
(٩) ٣٦ / النساء : ٤ ، سكنا أو نسبا.
(١٠) وفي المفردات : البعيد ، وعليه الآية السابقة.