كُنْتُمْ جُنُباً)(١) سمي بذلك لبعده من مكان الصلاة. يقال : جنب وأجنب ، ويقال : رجل جنب أي غريب ، وجانب أيضا ، وجمعه جنّاب كراكب وركّاب.
والجنب : البعد في الأصل ، فأطلق على الأناسيّ إطلاق المصادر عليها نحو : رجل عدل ، وفيه مذاهب للناس بينّاه غير مرة. قوله : (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ)(٢) أي عن بعد. والجنابة : البعد أيضا. ومنه قول علقمة بن عبدة (٣) : [من الطويل]
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة |
|
فإني امرؤ وسط القباب غريب |
وجنب الرجل جنابة : إذا احتلم. وسار جنيبه وجنيبته وجنابيه وجنابيته. وجنبته : أصبت جنبه ، نحو كبدته. وجنب : اشتكى جنبه ، نحو : فئد وكبد. قيل : وبني الفعل من الجنب على وجهين : أحدهما : الذهاب عن ناحيته ، والثاني : الذهاب إليه. فمن الأول : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ)(٤)(فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٥) أي اتركوه ، وهو أبلغ منه ، لأنّ معنى «اجتنبوه» اتركوا ناحيته وابتعدوا عنها. وهذا أبلغ من قولك : اتركوه. ومثله في المعنى : لا أرينّك (٦) هاهنا ؛ نهاه عن قربان مكان الرّؤيا فهو أبلغ من قوله : لا تجئني.
وقوله : «فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة» ، أي بعد ، وقوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَ)(٧) أي أبعدني ، من جنبته عن كذا أي أبعدته. قال الراغب : وقيل : هو [من](٨) جنبت الفرس ، كأنّما سأله أن يقوده عن جانب الشّرك بألطاف منه وأسباب خفيّة.
والجنب (٩) : الرّوح في الرّجلين عن الأخرى خلقة. والرّيح الجنوب : يحتمل أن
__________________
(١) ٦ / المائدة : ٥.
(٢) ١١ / القصص : ٢٨.
(٣) من قصيدته المشهورة «طحابك قلب» (المفضليات : ٣٩٤) ويقول الشارح : الجنابة : البعد والغربة.
(٤) ١٧ / الزمر : ٣٩. ولم يذكر المصنف شواهده على الثاني.
(٥) ٩٠ / المائدة : ٥.
(٦) ساقطة من ح.
(٧) ٣٥ / إبراهيم : ١٤.
(٨) إضافة من المفردات : ١٠٠.
(٩) في الأصل : التجنب.