أمواله ورقيقه [وأعتده](١) حبسا في سبيل الله». وفي الحديث : «بعث أبا عبيدة على الحبس» (٢) هم الرّجّالة. قال القتيبيّ : سمّوا بذلك لتحبّسهم عن الرّكبان (٣). قال : وأحسب أحدهم حبيسا ؛ فعيلا بمعنى مفعول. ويجوز أن يكون حابسا لأنه يحبس من وراءه بمسيره. قلت : فعل منقاس في فاعل نحو ضارب ، وضرب غير منقاس في فعيل. والحبس أيضا مصنع الماء لتحبّسه فيه.
ح ب ط :
قوله تعالى : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ)(٤) أي بطلت. وأصله من قولهم : حبطت الدابّة إذا أكلت أكلا انتفخ بطنها منه فماتت. ومنه الحديث : «إنّي أخوف ما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها. فقال رجل : أو يأتي الخير بالشرّ يا رسول الله؟ فقال : إنه لا يأتي الخير بالشرّ ، وإنّ ممّا ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلمّ ، إلا آكلة الخضر فإنّها أكلت حتّى إذا امتلأت خاصرتاها ، استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت» (٥). إنما سقت هذا الحديث بكماله لأنّه كما قال الأزهريّ : إذا بتر لم يكد يفهم (٦). وقال : وفيه مثلان أحدهما للمفرط في جمع (٧) الدنيا ومنعها من حقّها ، والضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها. فقوله : «إنّ ممّا ينبت الربيع» يريد أنّ الربيع ينبت البقول والعشب فتأكل منه الدابة أكلا واسعا ، فتنشقّ أمعاؤها فتهلك ، وهو الحبط. كذلك من جمع (٨) الدنيا حراما وحلالا يهلك بها.
وقوله : «إلّا آكلة الخضر» يريد بالخضر المرعى المعتاد الذي ترعاه المواشي بعد هيج
__________________
(١) بياض في الأصل ، أضفناه من النهاية : ١ / ٣٢٨ ، غير أن الحديث ليس فيه «أمواله».
(٢) النهاية : ١ / ٣٢٩.
(٣) في الأصل : الركاب ، والتصويب من النهاية.
(٤) ٢١٧ / البقرة : ٢.
(٥) ورد بعض الحديث في النهاية : ١ / ٣٣١ والمفردات : ١٠٦.
(٦) ورواية الأزهري في اللسان : «لأنه إذا بتر استغلق معناه».
(٧) وفي س : جميع.
(٨) وفي س : جميع.