للأنصار : «ما فعلت نواضحكم؟ قالوا : حرثناها يوم بدر» (١).
وقوله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ)(٢) قيل : أراد الزرع ، وقيل : النساء ، سمّاهنّ حرثا في قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ، ويرشّحه قوله : (وَالنَّسْلَ) نزلت في الأخنس بن شريق (٣) مرّ بزرع فأحرقه وعقر دوابّه.
ح ر ج :
الحرج : الضيق ، ومنه قوله تعالى : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ)(٤) أي ضيق من القرآن. وأصله من الحرج ، والحرج والحراج وهو مجتمع ما بين الشيئين ، فتصوّر منه الضّيق. وقيل : هو الشجر الملتفّ ، وفيه أيضا معنى الضّيق. وقول مجاهد : أي شكّ تفسير باللازم ، ولأنّ الشاكّ يضيق صدره بخلاف المتيقّن فإنّه ينفسح.
وقوله : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً)(٥) قرىء بفتح الراء وكسرها (٦) ، أي مبالغا في الضيق. قال ابن عباس : الحرج : موضع الشجر الملتفّ (٧) ، فكان قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة كما لا تصل الراعية إلى المكان الملتفّ شجره. وما أنور هذا التفسير وأنعمه! قيل حرجا بكفره لأنّ الكفر لا يكاد تسكن إليه النّفس ، لكونه اعتقادا عن ظنّ. وقيل حرجا أي ضيّقا بالإسلام ، قاله الراغب : يعني أنّه لمّا لم يسلم إسلاما جازما بل بترديد كإسلام المنافق ضاق به صدره. وقيل في معنى قوله : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ)(٨) هو نهي على
__________________
(١) النهاية : ١ / ٣٦٠ ، أي أهزلناها.
(٢) ٢٠٥ / البقرة : ٢.
(٣) اسمه أبيّ بن شريق ، ويعرف بالأخنس بن شريق الثقفي. وإنما دعي الأخنس لأنه كان حليفا لبني زهرة ولما أشار عليهم بالرجوع في وقعة بدر وقبلوا منه فرجعوا قيل : خنس بهم. توفي في أول خلافة عمر.
(٤) ٢ / الأعراف : ٧.
(٥) ١٢٥ / الأنعام : ٦.
(٦) قراءة ابن عباس وعمر بالكسر ، وقراءة الناس بالفتح (معاني القرآن : ١ / ٣٥٣).
(٧) وتتمة كلام ابن عباس كما في المصدر السابق : «... الذي لا تصل إليه الراعية» وسقناه لضرورة ما يأتي.
(٨) ٢ / الأعراف : ٧.