وقتك لا وقت يتحسّر فيه عليهم غير هذا الوقت ، وهو من (١) أبلغ مجازات القرآن. وقوله : (يا حسرتا) (٢) أي يا حسرتي ، فأبدل الياء ألفا (٣). وقال الأزهريّ : قد علم أن الحسرة لا تدعى ودعاؤها تنبيه للمخاطبين. وقال ابن عرفة : أي يا حسرتهم على أنفسهم.
ح س س :
قوله تعالى : (فَتَحَسَّسُوا)(٤) أي تطلّبوه بحواسّكم ، وتحسّس في الخير وتجسّس في الشرّ ، وقد تقدّم تقريره في مادة الجيم. وفي الحديث : «لا تحسّسوا ولا تجسّسوا» (٥) ؛ قال الحربيّ (٦) : معنى الحرفين واحد وهما التطلّب بمعرفة ، قال ابن الأنباريّ : إنما سبق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين نحو : بعدا وسحقا. وقيل : التجسّس : البحث عن عورات الناس ، والتحسس : استماع حديثهم.
قوله تعالى : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ)(٧) أي تقتلونهم وتستأصلونهم. ومنه : البرد محسّة (٨) للنّبت أي مهلك له وذاهب به ومحرق له. وأصله من الحاسّة وهي القوة التي تدرك بها الأعراض الحسية. والحواسّ : المشاعر. يقال : حسست وحست وحسيت بقلب الثانية ياء. وأحسست وأحست بحذف أحد السينين من فعل وأفعل. قال الشاعر (٩) : [من الوافر]
سوى (١٠) أنّ العتاق من المطايا |
|
حسين (١١) به فهنّ إليه شوس |
__________________
(١) ساقطة من ح.
(٢) يقول ابن هشام : «بقلب الكسرة التي قبل الياء المفتوحة فتحة فتنقلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها». (شرح قطر الندى : ٢٠٥).
(٣) ٥٦ / الزمر : ٣٩.
(٤) ٨٧ / يوسف : ١٢.
(٥) النهاية : ١ / ٣٨٤.
(٦) لعله إبراهيم بن إسحاق الحربي صاحب «غريب الحديث». والحربي : نسبة إلى محلة ببغداد (اللباب : ١ / ٣٥٥).
(٧) ١٥٢ / آل عمران : ٣. الحسّ : القتل الذريع (اللسان).
(٨) أي يحسه ويحرقه (اللسان).
(٩) البيت لأبي زبيد (الطائي) كما في معاني القرآن للفراء : ١ / ٢١٧ ، واللسان.
(١٠) في المصدرين السابقين : خلا.
(١١) كذا في المصدر ، وفي الأصل : أحسن.