فحسست (١) على وجهين : أحدهما أصبته بحسّي بمعنى عنته ورمقته. والثاني. أصبت حاسّه نحو كبدته. وقيل : ولمّا كان ذلك قد يتولّد منه القتل عبّر به عن القتل. ومنه : جراد محسوس أي مطبوخ.
ويقال : حسست بمعنى فهمت وعلمت ، لكن لا يقال إلا فيما كان من جهة الحاسّة. وأما أحسسته (٢) فحقيقته : أدركته بحاسّتي. قوله : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ)(٣) تنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن الفهم ، وكذلك : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا)(٤) وقال الهرويّ : (فَلَمَّا أَحَسَ) أي علم ، وأصله في اللغة أبصر ثم وضع موضع العلم والوجود. ومنه (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ)(٥) أي هل ترى؟ وهذا تفسير للفظ ببعض مدلولاته لأنّ البصر من جملة الحواسّ الخمس. وقد قدّمنا أنّه ما كان عن حاسّة بصر كانت أو غيره. وقوله : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ) هل تجد بحاسّتك أحدا منهم؟
وقوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها)(٦) حركة لهبها. والحسّ والحسيّس : الحركة. وفي الحديث : «كان في مسجد الخيف فسمع حسّ حية» (٧) أي حركتها ، وهو أن تسمع ما يقرب منك ولا تراه. والحسّ : داء يأخذ عند الولادة (٨) ، وعن عمر أنّه [مرّ بامرأة قد ولدت فدعا لها بشربة من سويق ، وقال : اشربي هذا فإنه](٩) يقطع الحسّ».
وحسّ بمعنى أوّه ، ومنهم من ينوّنه ، ومنه الحديث : «أصاب قدمه قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : حسّ» (١٠) ومن كلامهم : فما قال : حسّ ولا بسّ ، وجىء به من
__________________
(١) وفي المفردات (ص ١١٦) : فأحسست.
(٢) وفي الأصل : أحسست ، ولعلها كما ذكرنا.
(٣) ٥٢ / آل عمران : ٣.
(٤) ١٢ / الأنبياء : ٢١.
(٥) ٩٨ / مريم : ١٩.
(٦) ١٠٢ / الأنبياء : ٢١.
(٧) النهاية : ١ / ٢٨٤.
(٨) ويقول ابن منظور : «بعد الولادة» (مادة ـ حسس). ويقول ابن الأثير : «عند الولادة بعدها».
(٩) في الأصل نقص أضفناه من النهاية : ١ / ٣٨٥. وفي الأصل : «أنه أتي بمولود سريّة ... (بياض) وقال : هذا يقطع الحسّ».
(١٠) النهاية : ١ / ٣٨٥.