والجداد (١) أي إبّان حصاده وصلاحيته لذلك. وقوله : (فَجَعَلْناها حَصِيداً)(٢) إشارة إلى أنّه حصد في غير إبّانه على سبيل الإفساد ، أي استؤصل ما أنبت.
وقوله : (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ)(٣) إشارة إلى قوله : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٤) أي منها ما هو باد باقية أعلامه ، ومنها ما حصد وهلك ودثر ، فلم يبق له عين ولا أثر ؛ فاستعير الحصد لهلاكه. وقوله : (حَصِيداً خامِدِينَ)(٥) أي موتى هلكى من حصدهم بالسيف. وفي الحديث : «وهل يكبّ الناس على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» (٦) جمع حصيد ، وهي الكلمة. شبّهها بما يحصد من الزرع لأنّها تقتطع من كلام الإنسان. وحبل محصد ، ودرع حصداء ، وشجرة حصداء ، كلّ ذلك استعارة. وفي الحديث : «نهى عن حصاد الليل» (٧) قيل : إمّا لمكان الهوامّ حتى لا يصيب الناس ، وإمّا لأجل حرمان المساكين والفقراء. واستحصد القوم : تقوّى بعضهم ببعض. وأحصد الزرع : صار ذا حصاد.
ح ص ر :
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً)(٨) أي مكانا ضيقا حاجزا لهم ، من حصرته أي ضيّقت عليه ومنعته من التصرّف. وقيل : الحصير : السجن لما فيه من الضّيق فهو فعيل بمعنى فاعل. وسمي الحصير حصيرا لكونه يحصر من يجلس عليه. والحصر في اصطلاح العلماء قصر الصّفة على الموصوف والموصوف على الصّفة نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(٩) ، (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)(١٠). وعن الحسن في قوله : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ
__________________
(١) الجداد : أوان قطع الثمر (اللسان ـ جدد).
(٢) ٢٤ / يونس : ١٠.
(٣) ١٠٠ / هود : ١١.
(٤) ٤٥ / الأنعام : ٦.
(٥) ١٥ / الأنبياء : ٢١.
(٦) النهاية : ١ / ٣٩٤ ، وهذه استعارة.
(٧) النهاية : ١ / ٣٩٤.
(٨) ٨ / الإسراء : ١٧.
(٩) ١٩ / محمد : ٤٧.
(١٠) ١٧١ / النساء : ٤.