حَصِيراً)(١) أي مهادا ؛ قال الراغب (٢) : كأنّه جعله الحصير المرمول كقوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ)(٣) ، وعلى هذا هو بمعنى الحصور ، سمي بذلك لحصر طاقات بعضه على بعض. وقول لبيد (٤) : [من الكامل]
ومقامة غلب الرّقاب كأنّهم |
|
جنّ لدى باب الحصير قيام |
الحصير : الملك ، إمّا بمعنى محصور ، بمعنى أنّه محجب ، وإمّا بمعنى حاصر ، لأنّه يمنع غيره أن يحصل إليه.
وقوله : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً)(٥) أي ممنوعا من غشيان النساء ، إمّا لعنّة ونحوها ، وإمّا لمنعه ذلك بقوته واجتهاده وفراغ قلبه من ذلك ، وهذا هو الأليق بهذا المقام لدخوله في المجد ، فإنّ الأمور المطبوع عليها قلّما يمدح بها إذا اتّصف بها ، ولهذا فضل البشر على الملك ، إذا قمع شهوته وخالف نفسه وغلب هواه. فحصور يجوز أن يكون بمعنى مفعول على الأول نحو : ركوب وحلوب ، وبمعنى فاعل على الثاني نحو : صبور وشكور.
والحصور ـ أيضا ـ والحصير : البخيل ، سمي بذلك لمنعه المال ، وأنشد لجرير (٦) : [من الكامل]
ولقد تسقطّني الوشاة فصادفوا |
|
حصرا بسرّك يا أميم ضنينا |
وقوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)(٧) اضطربت أقوال أهل اللغة في أحصر وحصر هل هما بمعنى أو بينهما فرق ، وما ذلك الفرق؟ (٨) وقيل : أحصر في المنع
__________________
(١) ٨ / الإسراء : ١٧.
(٢) المفردات : ١٢٠.
(٣) ٤١ / الأعراف : ٧.
(٤) ديوان لبيد : ٢٩٠. وانظر اختلاف رواية البيت في الديوان ، والمفردات : ١٢٠ ، واللسان ـ مادة حصر.
(٥) ٣٩ / آل عمران : ٣.
(٦) الديوان : ٥٧٨. الحصر : البخيل بماله أو سره.
(٧) ١٩٦ / البقرة : ٢.
(٨) لم يذكر الجواليقي فرقا بينهما ، وقال : «حصر غائطه وأحصره إذا احتبسه ، ويقال للرجل : من حصرك ها هنا ومن أحصرك؟» (ما جاء على فعلت وأفعلت : ٣٥).