لضبط الشيء في النفس ، ويضادّه النّسيان ، وأخرى لاستعمال تلك القوة ، فيقال : حفظت كذا حفظا. ثم يستعمل في كلّ تفقّد وتعهّد ورعاية.
قوله تعالى : (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(١) أي حافظا يحفظ أعمالهم ، كقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)(٢)(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)(٣) ، وقوله : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً)(٤) أي حفظه أبلغ من حفظ غيره لعلمه بما بطن وظهر إشارة إلى قوله تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها)(٥). وقرىء «حافظا» نحو خير الحافظين (٦) ، فحفيظا : تمييز ، وحافظا : حال ، وقيل غير ذلك (٧) كما حقّقناه في الكتب المشار إليها.
وقوله : (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ)(٨) أي يحفظن غيبة أزواجهنّ فلا يوطّئن فرشهنّ غيرهم ، وذلك بسبب حفظ الله إياهنّ. وقرىء «الله» نصبا (٩) على معنى : بسبب رعايتهنّ حقّ الله لا لرياء (١٠) وتصنّع منهنّ.
قوله : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ)(١١) و (لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ)(١٢) كناية عن العفّة ، وأصله : منع أنفسهم من الوطء الحرام. قوله : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ)(١٣) يجوز أن يكون بمعنى حافظ وهو الظاهر موافقة لقوله : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(١٤) وأن
__________________
(١) ٨٠ / النساء : ٤٠ ، وغيرها.
(٢) ١٠٧ / الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٣) ٢٢ / الغاشية : ٨٨.
(٤) ٦٤ / يوسف : ١٢.
(٥) ٥٦ / هود : ١١.
(٦) هي قراءة ابن مسعود (مختصر الشواذ : ٦٤ ، معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٩).
(٧) قرأ الأعمش : «والله خير حافظ» (مختصر الشواذ : ٦٤).
(٨) ٣٤ / النساء : ٤.
(٩) هي قراءة يزيد بن القعقاع ؛ أراد : بحفظهنّ الله (مختصر الشواذ : ٢٦). وأجاز ابن منظور أن تكون «حافظا» حال وتمييز.
(١٠) وفي الأصل : زنا.
(١١) ٣٥ / الأحزاب : ٣٣.
(١٢) ٥ / المؤمنون : ٢٣ ، وغيرها.
(١٣) ٤ / ق : ٥٠.
(١٤) ٤٩ / الكهف : ١٨.