يكون بمعنى محفوظ كما صرّح به (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)(١) قرىء برفع «محفوظ» صفة للقرآن ، وبجرّه صفة للّوح (٢). قوله : (عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)(٣) فيه تنبيه على أنهم يحفظونها بمراعاة أوقاتها وأركانها وشرائطها ، / والتّحرّر ممّا يجمل بها من جهاده ، وبعد من حديث النفس ، كما أنها هي تحفظهم. وأشار إليه بقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(٤) ولا حفظ أبلغ من حفظ من يحفظك من ارتكاب هذين الفعلين القبيحين.
والحفاظ والمحافظة كأنّ كلا منهما يحفظ. والتّحفّظ : قلة الغفلة (٥) وتحقيقه تكلّف الحفظ لضعف القوة الحافظة. ولمّا كانت تلك القوة من أسباب العقل توسّعوا في تفسيره. والحفيظة : الغضب الحالّ على المحافظة ، ثم قيل للغضب المجرّد ، فقالوا : أحفظه ، أي أغضبه. وفي الحديث : «فبدرت مني كلمة أحفظته» (٦) ومثلها الحفظة أيضا ؛ يقال : حفيظة وحفظة. وأنشد للعجاج (٧) : [من الرجز]
جاري لا تستنكري عذيري |
|
وحفظة أكنّها ضميري (٨) |
وقيل : الهمزة في أحفظ للسّلب ، والمعنى : أزال حفظ مودّته.
ح ف ف :
قوله تعالى : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ)(٩) أي محدقين به من
__________________
(١) ٢٢ / البروج : ٨٥.
(٢) رفع المحفوظ شيبة وأبو جعفر المدنيان والأعرج (معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٥٤).
(٣) ٩٢ / الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٤) ٤٥ / العنكبوت : ٢٩.
(٥) كذا المعنى لا يستقيم ، ولعله يريد : علّة النّقلة.
(٦) الحديث في اللسان ، وفيه : أي أغضبته (اللسان : حفظ). وفي النهاية : ١ / ٤٠٨.
(٧) في الأصل : لرؤبة. والبيت مذكور في ديوان العجاج : ١ / ٣٣٤ ، وفي اللسان ـ مادة حفظ. غير أن السمين أخطأ إذ ذكر الصدر من مطلع القصيدة قبل أربع أبيات ، وصدره كما في الديوان واللسان :
مع الجلا ولائح القتير
(٨) جاري : منادى مرخم أصله «يا جارية». العذير : الحال. وقال ابن منظور بعد البيت : «فسّر على : غضبة أجنّها قلبي».
(٩) ٧٥ / الزمر : ٣٩.