أُحْكِمَتْ آياتُهُ)(١) وقال الأزهري : أحكمت آياته بالأمر (٢) والنّهي والحلال والحرام ، ثم فصلت بالوعد والوعيد ، والحاكم من ذلك لأنّه يمنع الظالم من ظلمه. قوله تعالى : (سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ)(٣) و (آياتٌ مُحْكَماتٌ)(٤) يعني غير منسوخة ؛ منعت من النسخ لمصلحة علمها تعالى للمكلّفين. وقيل : المحكمات : ما لا تعرض فيه شبهة (٥) من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى ، قاله الراغب ، وفيه نظر لأن هذا الوصف بعينه موجود في المتشابه الذي هو مقابل المحكم ؛ فالقرآن إمّا محكم وإما متشابه ، كما أخبر الربّ تبارك وتعالى ، وكلا القسمين لا تعرض فيه شبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى ، وقيل غير ذلك.
قوله : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ)(٦). فالحكمة : إصابة الحقّ بالعلم والعقل. والحكمة من الله : معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام ، ومن الناس : معرفة الموجودات (٧) وفعل الخيرات ، وهذا هو الذي / وصف به لقمان في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ)(٨) ونبّه على جملتها. بما وصف بها ؛ فإذا قيل في الله : حكيم فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به [غيره](٩). ومن هذا الوجه قال : (أَ لَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ)(١٠). فإذا وصف به القرآن فلتضمّنه (١١) معنى الحكمة نحو : (الر ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ)(١٢). وقيل : الحكيم : المحكم نحو : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ). قال الراغب : وكلاهما صحيح لأنّه محكم ومفيد للحكم ، ففيه المعنيان جميعا.
__________________
(١) ١ / هود : ١١.
(٢) في الأصل : الأمر.
(٣) ٢٠ / محمد : ٤٧.
(٤) ٧ / آل عمران : ٣.
(٥) في الأصل : بشبهة ، والتصويب من المفردات ص ١٢٨.
(٦) ٢٦٩ / البقرة : ٢.
(٧) وفي ح : الموجدات.
(٨) ١٢ / لقمان : ٣١.
(٩) ساقط من الأصل ، والإضافة من المفردات : ١٢٧.
(١٠) ٨ / التين : ٩٥.
(١١) وفي الأصل : فلتضمينه ، ولعلها كما ذكرنا.
(١٢) ١ / يونس : ١٠.