والحكم مصدر حكم يحكم ، ومعناه القضاء بالشيء أن يكون كذا أو (١) ليس كذا سواء ألزمت ذلك غيره أو (٢) لم تلزمه. قال النابغة (٣) : [من البسيط]
واحكم لحكم فتاة الحيّ إذ نظرت |
|
إلى حمام سراع وارد الثّمد |
وقيل معناه كن حكيما (٤). ويقال : حاكم وحكام لمن يحكم بين الناس ، والحكم : المتخصّص بذلك. وقوله تعالى : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها)(٥) ولم يقل : حاكما بينهما ، إذ من شرط الحكمين أن يتولّيا الحكم لهم وعليهم حسبما يستصوبانه من غير رجوع إليهم في ذلك. والحكم يقال للواحد والجمع ، والفرق بين الحكم والحكمة أنّ الحكم أعمّ من الحكمة ، فكلّ حكمة حكم ، وليس كلّ حكم حكمة ؛ فإنّ الحكم أن يقضى بشيء على شيء ، فيقول : هو كذا ، وليس بكذا. قال عليه الصلاة والسّلام : «إنّ من الشعر لحكمة» (٦) أي قضية صادقة ، وذلك نحو قول لبيد (٧) : [من الطويل]
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل |
وقال عليه الصلاة والسّلام : «الصمت حكم وقليل فاعله» (٨) فهذا بمعنى الحكمة.
وقوله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ)(٩) قيل : جعله حكمة ، وذلك إشارة [إلى](١٠) أبعاضها التي تختصّ بأولي العزم من الرّسل ، ويكون سائر
__________________
(١) وفي الأصل : وليس.
(٢) وفي الأصل : أم.
(٣) من معلقته ، الديوان : ١٤. والثمد : الماء يكون في المشاشة لا في أرض رخوة ولا حجر ، وهو القليل.
(٤) أي كن حكيما كحكمة فتاة الحي.
(٥) ٣٥ / النساء : ٤.
(٦) النهاية : ١ / ٤١٩ ، وفي الأصل «لحكما» وهي رواية أخرى ، فيكون المعنى : كلاما نافعا.
(٧) الديوان : ١ / ٢٥٦.
(٨) النهاية : ١ / ٤١٩.
(٩) ٣٤ / الأحزاب : ٣٣.
(١٠) ١ / المائدة : ٥.