وقوله : (تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ)(١) أي بيّن لكم ما تنحلّ به عقد أيمانكم من الكفّارة. وفي الحديث : «لا يموت لأحدكم ثلاثة من الأولاد فتمسّه النار إلا تحلّة القسم» (٢) أي ما يحلّ به القسم ؛ يريد قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)(٣) ، هذا تفسير أبي عبيد (٤) ، واعترض عليه بأنّ قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ليس قسما ، وأجيب بأنّ القسم قوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ)(٥) يعني : وهذا متصل به ، وقيل : بل القسم مقدرا أي : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ونظروه بقوله : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ)(٦). وفي التنظير نظر ليس هذا موضع تحقيقه. وفسره الراغب (٧) وغيره بأنّ معناه أي : قدر ما يقول الإنسان : إن شاء الله ، وهو حسن ، وحينئذ يكون على حذف مضاف أي لم تمسّه النار إلا مقدار (٨) وقت تحلّه. وفي حديث زمزم : «هي لشاربها حلّ وبلّ» (٩) ؛ فالحلّ : الحلال ، والبلّ : المباح بلغة حّمير ، وقيل : إتباع كحسّ بسّ.
والحليل والحليلة : الزّوج والزوجة ، إمّا بحلّ كلّ منهما إزاره لصاحبه ، وإمّا بكونه حلالا له غير حرام عليه ، وإمّا لنزوله معه. قال تعالى : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ)(١٠).
والإحليل : مخرج البول لكونه محلول العقدة ، ثم عبر به عن مجموع الذكر.
ويعبر بالحلول عن الوجوب ، قال تعالى : (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)(١١) أي من وجب فقد وجب ، لأنّ الوجوب : السقوط ؛ ففيه نزول ،
__________________
(١) ٢ / التحريم : ٦٦.
(٢) النهاية : ١ / ٤٢٩.
(٣) ٧١ / مريم : ١٩.
(٤) وابن الأثير في تفسير الحديث السابق.
(٥) ٦٨ / مريم : ١٩.
(٦) ٧٢ / النساء : ٤.
(٧) المفردات : ١٢٨.
(٨) كذا في س ، وفي ح : مقدر.
(٩) النهاية : ١ / ٤٢٩ ، أي هل لك طلق. وهو حديث عبد المطلب.
(١٠) ٢٣ / النساء : ٤.
(١١) ٨١ / طه : ٢٠.