أي إلا أن تمنعوا ، ويعبّر به عن الهلاك. ومنه قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ)(١) وأصله من إحاطة العدوّ.
وعن مجاهد في قوله (٢) : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)(٣) أي جامعهم. ويقال : حاطه يحوطه / حوطا وحياطة وحيطة (٤) وحيطة. وقد تكلمنا على كونه يتعدّى بنفسه ثلاثيا وبجرّ الحروف رباعيا في غير هذا الموضوع.
وقوله : (إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ)(٥) أي : حافظهم وجامعهم لا يفوتونه. وقوله : (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(٦) أي : أحاط علمه به فلا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء. وفي قوله (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ)(٧) (وخطيئاته) فيه أبلغ استعارة ؛ وذلك أنّ العبد إذا ارتكب ذنبا واستمرّ عليه استجرّه ذلك الذنب إلى ما هو أكبر منه ، فلا يزال يرتقي حتى يطبع على قلبه فلا يمكنه [أن](٨) يخرج عن تعاطيه.
والاحتياط : افتعال من الحوط ، وهو استعمال (٩) الحياطة أي الحفظ. وإحاطة علمه تعالى بالأشياء هو أن يعلم وجودها وقدرها وجنسها وصفتها ، وكيفيتها وغرضها المقصود بها وبإيجادها وما يكون منها ، وهذا ليس إلا لله تعالى ، ولذلك قال : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ)(١٠) و (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(١١). وحكايته تعالى عن الخضر (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى
__________________
(١) ٤٢ / الكهف : ١٨.
(٢) في قوله تعالى.
(٣) ١٩ / البقرة : ٢.
(٤) لم يذكر ابن منظور فتح الحاء.
(٥) ٦٠ / الإسراء : ١٧.
(٦) ١٢ / الطلاق : ٦٥.
(٧) ٨١ / البقرة : ٢. وانظر قراءة أخرى في مختصر الشواذ : ٦.
(٨) إضافة المحقق.
(٩) وفي الأصل : اشتغال ، ولعلها كما ذكرنا.
(١٠) ٣٩ / يونس : ١٠.
(١١) ١١٠ / طه : ٢٠.