ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)(١) تنبيه على أنّ الصبر التامّ إنّما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء بفيض إلهيّ.
وقوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ)(٢) أي هلكوا ، وهو من إحاطة القدرة.
والحائط : الجدار ، وأصله اسم فاعل من : حاط يحوط ، فنسب إلى الجدار مجازا. وقوله : (عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ)(٣) قيل : هو يوم القيامة لأنه يجمع العالم كلّه لقوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ)(٤). وأصل محيط محوط ؛ فأعلّ إعلال مقيم.
ح ول :
قوله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)(٥) قيل : معناه أنّه يملك عليه قلبه فيصرفه كيف شاء ، إشارة إلى وصفه تعالى بقوله عليهالسلام : «يا مقلّب القلوب» (٦) ، وهو أن يلقى في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك. وعن بعضهم : عرفت الله بنقض العزائم ، وقيل : معناه أن يهلكه ويردّه إلى أرذل العمر.
وأصل الحول : تغيّر الشيء وانفصاله عن غيره ، وباعتبار التغيّر قيل : حال يحول حولا واستحال : تهيّأ لأن يحول. ويجيء استحال بمعنى صار. وفي الحديث : «فاستحالت غربا» (٧) ، وباعتبار الانفصال قيل : حال بيننا كذا ، قال تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)(٨).
وحوّلت الشيء فتحوّل : أي غيّرته ؛ إمّا بالذات ، وإمّا بالحكم والقول ، ومنه : أحلته
__________________
(١) ٦٨ / الكهف : ١٨.
(٢) ٢٢ / يونس : ١٠.
(٣) ٨٤ / هود : ١١.
(٤) ١٠٣ / هود : ١١.
(٥) ٢٤ / الأنفال : ٨.
(٦) البخاري ، باب مقلب القلوب ، التوحيد ، رقم ١١.
(٧) حديث عمر (رضي) ، أي تحوّلت دلوا عظيمة (النهاية : ١ / ٤٦٣).
(٨) ٥٤ / سبأ : ٣٤.