قوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(١) يعني أنه إذا علم من يريد القتل أنّه يقتصّ منه ارتدع عن القتل ، فحصلت له حياة نفسه وحياة من كان يريد قتله. وكانوا يقتلون بالواحد العدد الكثير. وقصّة جسّاس بأخذه ثأر أخيه كليب مشهورة في العرب (٢). فلمّا شرع القصاص أن يقتل الواحد بالواحد كان في ذلك حياة لمن لم يجن. وكانت العرب تقول : حومنا حول هذا المعنى ؛ القتل أنفى للقتل. وبين هذا وبين (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) بون ظاهر قد بيّنّاه في غير هذا الموضوع.
والحيا ـ بالقصر ـ المطر لحياة الأرض بعد موتها / به ، وعليه : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(٣).
قوله : (بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى)(٤) نبّه بذلك أنّه سمّاه به ، أي لم تمته الذنوب كما أماتت غيره كثيرا من بني آدم ، لا أنّه كان يعرف بذلك فقط فإنّ هذا قليل الفائدة ، قاله الراغب (٥).
قوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(٦) قيل : يخرج الإنسان من النّطفة والنّطفة من الإنسان ، والبيضة من الدجاجة [والدجاجة](٧) من البيضة. وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
قوله : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ)(٨) الآية ، التحية في الأصل مصدر حيّا يحيّي أي دعا له بالحياة ، وأصله الخير ، فصار دعاء ، فمعنى حيّاه الله : أي حصل له حياة ، ثمّ جعلت
__________________
(١) ١٧٩ / البقرة : ٢.
(٢) جساس هو قاتل كليب وليس كما ورد في النص قتله عام ٤٩٤ م. وكليب لقبه واسمه وائل بن ربيعة وكان كليب رئيس جيش بكر وتغلب ، وجساس أخو زوجة كليب. وجرى قتله في حرب البسوس المشهورة في الجاهلية والتي دامت أربعين سنة (أيام العرب في الجاهلية : ١٤٣ ـ ١٤٥).
(٣) ٣٠ / الأنبياء : ٢١.
(٤) ٧ / مريم : ١٩.
(٥) المفردات : ١٤٠.
(٦) ١٩ / الروم : ٣٠.
(٧) إضافة المحقق للسياق.
(٨) ٨٦ / النساء : ٤.