التحية عبارة عن مطلق الدعاء وإن لم يكن بلفظ الحياة. وغلبت التحية على سلام الناس بعضهم على بعض. والتحيات في الصلاة من ذلك عن بعضهم كأنّه قيل : التحيات الحقيقة لله تعالى وحده. وقيل : التحيات : الملك ، ومنه حيّاه الله ، أي ملّكه. وقيل : معناه أبقاه (١) الله. وإذا قيل : حيّاك الله ، فمعناه أبقاك الله. وقيل : حيّاه بمعنى أحياه ، وفعل وأفعل يتواردان (٢) ؛ وقد قرىء (وَوَصَّى)(٣) ، «وأوصى» ، و (أَنْزَلَ)(٤) و «نزّل». وقال تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ)(٥). وقيل : التحيات هي التحيّة بمعنى السّلام ، والمعنى : السّلام على الله ، إلا أنّه خصّ بهذا اللفظ دون قوله : السّلام علينا وعلى عباد الله.
قوله : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ)(٦) أي يستبقوهنّ في قيد الحياة ، أي يطلبون بقاءهنّ لمقابلته بقوله : (يُذَبِّحُونَ)(٧) ، وكانوا يذبحون ذكران الإسرائيليين ويبقون آباءهم خدما لشيء رآه فرعون (٨) وقالت به الكهنة والمنجمون. والليث فسّر «يستحيون» : يطؤون ، وجعله من يركبون حياهنّ ـ وهو الفرج ـ [ليس] بشيء وفي الحديث : «إنّ الله يستحيي أن يعذّب شيبة شابت في (٩) الإسلام» أي يترك ، كما تقدّم تقريره ، وإلا ، فالحياء الحقيقيّ غير لائق بهذا المقام.
وحيّ هلا حيّهلا وحيّهل وحيّهل (١٠) بمعنى أقبل وعجّل وهات. وحيّ وحدها ، وهلا
__________________
(١) وفي الأصل : التقاه.
(٢) وقد صنع أبو منصور الجواليقي كتابا بهذا المعنى وعنوانه «ما جاء على فعلت وأفعلت بمعنى واحد مؤلف على حروف المعجم».
(٣) ١٣٢ / البقرة : ٢. يقول الفراء : «في مصاحف أهل المدينة (وأوصى) وكلاهما صواب كثير في الكلام» (معاني القرآن : ١ / ٨٠).
(٤) ٢٢ / البقرة : ٢.
(٥) ١٧ / الطارق : ٨٦.
(٦) ٤٩ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٧) تابع الآية السابقة.
(٨) رآه في منامه.
(٩) وفي س : «في دين الإسلام».
(١٠) وفي الأصل الكلمات الأربع رسمت بشكل واحد «حيهلا». وتصويبنا من اللسان ـ مادة حيا. وفيه : ـ