خ د ع :
قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ)(١). الخدع : من الخداع (٢) وهو الفساد. وأنشدوا (٣) : [من الرمل]
طيّب الرّيق إذا الريق خدع
ثم عبّر به عن المكر والكيد لما فيهما من الفساد.
وقيل : الخدع : إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف يبطنه (٤) ومنه المخدع لموضع خفيّ في البيت. والأخدعان : عرقان مستبطنان ، سمّيا بذلك لخفائهما. قال (٥) :
بلغت نحو الحيّ حيّ وجدتني |
|
وجفت من الأمعاء لسا وأخدعا |
فالخداع : إظهار خلاف ما يبطنه ، ومنه : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ)(٦) أي يخادعون رسوله والمؤمنين بإظهار الإيمان وإبطان الكفر. وقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) يريد يخادعون رسوله. وقد جعل مخادعة رسوله كمخادعته ، وهو ممّن لا يجوز عليه الخداع تنبيها على عظم من خادعوه. كما جعل مبايعته في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ)(٧) وفي هذا تنبيه على أمرين : أحدهما الدّلالة على فظاعة فعلهم ، والثاني عظم قدر رسوله والمؤمنين. وقول أهل العربية إنه على حذف مضاف بالنسبة ظاهر في صرف الخداع عن الله ، ولكن لو صرح بالمضاف لأتت الدلالة على الأمرين المذكورين. وقد قيل إنه لا حذف البتّة. وإن القوم لجهلهم يزعمون أنّ الله ممن يصحّ خداعه تعالى الله عن ذلك.
__________________
(١) ٩ / البقرة : ٢.
(٢) وفي الأصل : الخدع.
(٣) صدر بيت لسويد بن أبي كاهل يصف ثغر امرأة ، وعجزه كما في اللسان ـ مادة خدع :
أبيض اللون لذيذ طعمه
والمعنى أنه يغلظ وقت السحر فييبس وينتن. وخدع الريق : فسد.
(٤) وفي الأصل : يظهر ، وهو وهم. والسياق يؤيد ما رجحنا.
(٥) كذا رسم العجز في الأصل ، ولم يستقم.
(٦) ١٤٢ / النساء : ٤.
(٧) ١٠ / الفتح : ٤٨.