التنبيه بالأدنى على الأعلى ، وتنبيه على عدله تبارك وتعالى ، وما أحسن ما جاء بذكر المثقال من حبة الخردل بعد ذكر الموازين. وفي الحديث : «ومنهم المخردل» (١) قيل : هو المرميّ المصروع. وقيل : المقطّع بكلاليب الصراط ، من قولهم : لحم مخردل أي مقطّع. قال كعب (٢) : [من البسيط]
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما
ويقال : خردلته وخرذلته بالمهملة والمعجمة. والخردلة القطعة منه. فأمّا الخردل الحبّ فبالمهملة ليس إلا.
خ ر ر :
قوله : (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ)(٣). الخرور : السّقوط من علوّ يكون معه صوت غالبا. والخرير للماء والهواء. قوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ)(٤) ، (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا)(٥) ، (خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا)(٦). إتيانه تعالى بذكر البكاء والتسبيح تنبيه على أن ذلك الصوت المصاحب للخرور إمّا بكاء من خشيته وإما تسبيح لربوبيّته. وقوله : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)(٧) ، (وَخَرَّ راكِعاً)(٨) تنبيها على أنهما عليهماالسلام كانا في حالة تقرب من الموت لهيبة الربوبية ، فإن الخرير غلّب في الهلكة. قال : [من الطويل]
فخرّ صريعا لليدين وللفم
__________________
(١) النهاية : ٢ / ٢٠.
(٢) يعني كعب بن زهير ، وهو صدر ، وعجزه وفيه الشاهد (الديوان : ٢٢) :
لحم من القوم معفور خراذيل
أي مقطع قطعا. وهو مذكور في النهاية : ٢ / ٢١.
(٣) ٣١ / الحج : ٢٢.
(٤) ١٠٧ / الإسراء : ١٧ ، وغيرها.
(٥) ٥٨ / مريم : ١٩.
(٦) ١٥ / السجدة : ٣٢.
(٧) ١٤٣ / الأعراف : ٧.
(٨) ٢٤ / ص : ٣٨.