هنا معناه القديم الذي كان قبل كلّ شيء ، والآخر الذي يبقى بعد هلاك كلّ شيء ، وتأنيثه الآخرة مقابلة الأولى. والآخرة تجري الجوامد في حدو موصوفها ، كقوله : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)(١) ، (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ)(٢). وذلك الموصوف يجوز أن يكون الدار وأن يكون النّشأة ، وقد صرّح بكلّ منهما : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ)(٣) ، (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ)(٤). وقال تعالى : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ)(٥). وقد وصفت الدار بالآخرة تارة كما تقدّم وأضيفت إليها أخرى ، كقوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ)(٦) ، وقرىء : (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ). والإضافة عندنا على حذف الموصوف ، أي : ولدار الحياة الآخرة. قال الأزهريّ : أراد : ولدار الحال الآخرة خير ، لأنّ للناس حالين ؛ حال الدنيا وحال الآخرة. ومثله : صلاة الأولى ، أي صلاة الفريضة الأولى. قلت : لأنّ الشيء لا يضاف إلى نفسه ، والصفة هي الموصوف في المعنى. وقد يقابل بالآخر السابق.
وآخر بفتح الخاء : أفعل تفضيل ممنوع من الصرف للوزن والوصف ، ويجمع جمع تصحيح ؛ قال تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ)(٧). ويثنّى ، قال تعالى : (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما)(٨) وفارق أخواته في (٩) بابه ؛ فإنّ أفعل التّفضيل لا يثنّى ولا يجمع ، إلا محلىّ بأل نحو : (بِالْأَخْسَرِينَ)(١٠) أو مضافا نحو : (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(١١). فإذا خلا منهما كان
__________________
ـ وأنه يكون كذلك بعد موت الخلق وبطلان علومهم وحواسهم وقدرهم وابتعاض أجسامهم وصورهم. وتعلقت المعتزلة بهذا الإسم واحتجوا في فناء الأجسام وذهابها بالكلية. ومذهب أهل الخلق خلاف ذلك ..».
(١) ٤ / البقرة : ٢.
(٢) ٩٢ / الأنعام : ٦.
(٣) ٦٤ / العنكبوت : ٢٩.
(٤) ٣٢ / الأنعام : ٦.
(٥) ٢٠ / العنكبوت : ٢٩.
(٦) ١٠٩ / يوسف : ١٢.
(٧) ١٠٦ / التوبة : ٩.
(٨) ١٠٧ / المائدة : ٥.
(٩) وفي س : من.
(١٠) ١٠٣ / الكهف : ١٨.
(١١) ١٢٣ / الأنعام : ٦.