وقد جمعت تصحيحا في قوله عليه الصلاة والسّلام (١) : «طوّقه من سبع أرضين». وفي قول الآخر : [من الوافر]
وأيّة بلدة إلا أتينا |
|
من الأرضين تعلمه نزار |
فقيل : إنها سبع متطابقة كالسّماوات ، ويشهد له ظاهر قوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ)(٢). وقوله (٣) : «من سبع أرضين» لا دلالة فيه لاحتمال سبع أقاليم ، وسبع أرضين متجاورة لا متطابقة. ويعبّر بها عن أسفل الشيء ، كما يعبّر بالسماء عن أعلاه ، قال (٤) : [من الرجز]
ولم يقلّب أرضها البيطار |
|
وزهراء كالديباج ، أما سماؤها |
فريّا (٥) ، وأما أرضها فمحول |
__________________
ـ السفلي. وقد يظن أن كثرة وقوع توحيد الأرض مع السماء يؤيد التأويل. وفيه أنه يجوز أن يكون التوحيد والجمع لإيجاد حقيقة الأرضين واختلاف حقائق السماوات أو ثقل جمع الأرض لفظا ، ورب مفرد لم يقع في القرآن جمعه لثقله وخفة المفرد. ورب جمع لم يقع في القرآن مفرده لثقله وخفة الجمع. والتطويق الذي في الحديث لا يلائم التأويل إذ المناسب للأحكام الشرعية المعنى الظاهر ، وأنه من ملك أرضا ملك ما تحته فيناسب تطويق الغاصب سبع طبقات بخلاف تطويق الأقاليم ، فإنه لا يناسب أن يطوق لغصب شبر من إقليم بواقي الأقاليم. وقد روى أحمد والترمذي مرفوعا ما يفيد أن ما بين سماء وسماء وكذا أرض وأرض خمس مئة عام. وروى الترمذي أيضا من حديث ابن عباس مرفوعا بين كل سماء وسماء إحدى أو إثنان وسبعون سنة. والجمع بأن الاختلاف باعتبار بطء السير وسرعته. وما ذكر أهل الهيئة من عدم مسافة بين فلك وفلك فهو أمر لم يثبتوه ببرهان ، بل تقدم دليل لهم على وجود المسافة. على أن الشيخ ابن حجر ذكر في شرحه على البخاري أن السماوات السبع عند أهل الشرع غير الأفلاك. وأعلم أن المؤنث الغير الحقيقي (كذا) المجرد عن العلاقة لا يجمع بالألف والتاء إلا سماعا ، وسماوات مسموعة دون أرضات».
(١) تمام الحديث : «من ظلم شبرا من أرض طوّقه الله من سبع أرضين» النهاية : ٣ / ١٤٣.
(٢) ١٢ / الطلاق : ٦٥.
(٣) أي : صلىاللهعليهوسلم.
(٤) صدر بيت لحميد يصف فرسا كما في اللسان مادة أرض ، وعجزه :
ولا لحبليه بها حبار
(٥) وفي المفردات (ص ١٦) : وأحمر ، وفيه أنه لشاعر في صفة فرس.