ثمّ نسخ هذا بالصلوات الخمس ، ويحتمل أن يكون المراد فاقرؤا القرآن بعينه كيف ما ما تيسّر عليكم قال في التبيان : والظاهر أنّ معنى ما تيسّر مقدار ما أردتم وأحببتم وهو ظاهر لقرينة إرادة التخفيف ، ولأنّه المتبادر من هذه العبارة ، ولهذا لو قيل : أعط السائل ما تيسّر ونحوه لا يفهم المخاطب منه إلّا ذلك ، ومن هنا يظهر أنّ ما استدلّ به بعضهم من وجوب قراءة السورة في الصلاة بأنّ الأمر للوجوب وما للعموم إلّا ما أخرجه الدليل وهو ما زاد على السورة وغير الصلاة ظاهر الدفع بما ذكرناه على أنّا لا نسلّم عدم الوجوب في غير الصلاة بل نقول : بوجوب القراءة لحفظ المعجز ونحوه ، وبالجملة ليس في شيء من الآيات المذكورة دلالة على ما ذكر من الأفعال وإنّما الدلالة عليها بالأخبار والإجماع إن كان كما يعلم من محلّه (١).
الرابعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) في صلاتكم : أي يجب عليكم الإتيان بهما فيها قيل : إنّهم ما كانوا يفعلونهما في الصلاة في أوّل الإسلام بل كانوا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فأمروا بأن تكون صلوتهم مشتملة على الركوع والسجود ويؤيّده ما رواه الشيخ في الموثّق عن سماعة قال : سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن؟ فقال : نعم قول الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (٣) الحديث وهو صريح في ركوع الصلاة وسجودها.
أو المراد صلّوا عبّر عن الصلاة بهما لكونهما أعظم أركانها ، وعلى الأوّل فيها
__________________
(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٢٣.
(٢) الحج ٧٧.
(٣) رواه الشيخ ـ قدسسره ـ في التهذيب ج ٢ ص ٧٧ الرقم ٢٨٧ والاستبصار ج ١ ص ٣٢٤ الرقم ١٢١١ وهو في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٣١١ الرقم ٢٨٩٥ وفي الوسائل الباب ٥ من أبواب الركوع الحديث ٣ ص ٣٨٥ ج ١ ط أمير بهادر.