الاعتبار بالرؤية ، وأنّه قد تكون تسعة وعشرين يوما ونقلها يوجب التطويل ، وهذا القول نقله السيّد المرتضى عن شذاذ من أصحابنا ، ونقله الشهيد في الدروس عن ابن أبى عقيل ، وقد بالغ الشيخ في ردّه في كتابي الأخبار على وجه لا مزيد عليه فليرجع إليه من أراد الوقوف عليه.
ثمّ إنّه تعالى لمّا ذكر الصوم عقّبه بذكر الدعاء ومكانه من الداعي وإجابته إيّاه فقال :
(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) روى أنّ أعرابيّا سأل النبيّ صلىاللهعليهوآله (١) فقال أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت ، وعن قتادة أنّ الصحابة قالوا : يا نبيّ الله كيف ندعوا ربّنا؟ فنزلت ، والإضافة للتشريف ، والمراد السؤال عن كيفيّة أحواله من جهة القرب والبعد.
(فَإِنِّي قَرِيبٌ) أي فقل : إنّى قريب وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد ، وأقوالهم واطّلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم.
(أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) تقرير للقرب ، ووعد للداعي بالإجابة ، ولعلّ ذكر ـ إذا ـ في إذا دعان للتصريح في الدعاء والترغيب في تكراره وتعريف الداع للإشارة إلى داع خاصّ وهو الّذي يدعو متيقّن الإجابة ، ويطلب ماله فيه المصلحة من الدنيا والآخرة لا ما يكون محرّما كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم أو لا يكون فيه مصلحة فإنّ الله تعالى يعلم المصلحة ، ويستجيب الدعاء مع اقتضاء المصلحة ذلك لا بدونه وإنّما يقع التعجيل والتأخير في الاستجابة لذلك ، وعلى تقدير عدم الاستجابة في الدنيا فإنّ الله تعالى يعوّض في الدنيا ويثيب في الآخرة. فلا ينبغي ترك الدعاء مع عدم الإجابة إذ العالم بالمصلحة هو الله تعالى فاندفع ما يقال : إنّ كثيرا من الدعاء يقع ولم تحصل الإجابة فلا يصحّ إطلاقها مع حصول الدعاء.
ويمكن أن يجاب أيضا بأنّ الإجابة تكون مع المشيئة لا مطلقا
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٥٦.