أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (١).
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الخطاب لبني إسرائيل كما يعلم من الآيات السابقة عليها ، والمراد أقيموا الصلاة المعلومة بين المسلمين على الوجه الّذي بيّنها النبيّ صلىاللهعليهوآله لهم.
(وَآتُوا الزَّكاةَ) وأعطوا ما فرض الله على لسان نبيّه من الزكاة الّتي أوجبها على أمّته أمرهم بفروع الإسلام بعد ما أمرهم بأصوله ، وهو أوضح دليل على أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع.
(وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) أي في جماعاتهم ، والمراد صلّوا معهم جماعة لتقدّم ذكر الصلاة المفردة فلا تكرار لأنّ الأوّل أمر بإقامتها ، والثاني أمر بفعلها مع الجماعة ، والتعبير بالركوع عن الصلاة شائع في الإطلاق يقال : فرغت من ركوعي : أي من صلوتي ، وذلك أوّل ما يشاهد ممّا يدلّ على أنّ الإنسان في الصلاة ، ويجوز أن يكون التعبير بالركوع عنها لكون الخطاب لبني إسرائيل ، ولا ركوع في صلوتهم ، ولا يردّ أنّ الخطاب لهم فلا يشمل غيرهم لأنّه لمّا علم عدم الفرق به في الحكم كان الأمر بذلك متناولا لجميع المكلّفين. فيكون في الآية حثّ على صلاة الجماعة ، وبيان لفضلها وقد تواترت الأخبار من الطرفين بفضلها وأنّها تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ، وفي رواية بخمس وعشرين رواها العامّة (٢) وعن طريق الخاصّة (٣) تفضل صلاة الفرد
__________________
(١) البقرة ٤٣ إلى ٤٦.
(٢) انظر تفصيل ذلك ووجه الجمع والنكتة في التخصيص بهذا العدد والبحث المبسوط في نيل الأوطار ج ٣ ص ١٣٥ وفتح الباري ج ٢ ص ٢٧١ ومميز العدد في أحاديث غير أبي هريرة درجة ، وفي أحاديث أبي هريرة مختلف ففي بعضها درجة وفي بعضها جزء وفي بعضها صلاة.
(٣) انظر الوسائل الباب ١ من أبواب صلاة الجماعة ص ٥٢١ ط أمير بهادر ، وانظر أحاديث فضل الجماعة في الباب المذكور ، وفي المستدرك ج ١ ص ٤٨٧.