منويّا لقوله : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ، والإخلاص النيّة الخالصة على أنّ كون مثل ذلك زيادة على النصّ غير ظاهر. فتأمّل.
(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) مرفق بكسر أوّله وفتح ثالثة أو العكس مجمع عظمى العضد والذراع سمّى به لأنّه يرتفق به في الاتّكاء ونحوه ، ولا دلالة في الآية على إدخاله في غسل اليد فإنّ الغاية قد تدخل في الحكم تارة وقد تخرج اخرى كقولك : حفظت القرآن من أوّله إلى آخره ، وقوله تعالى (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (١) ودعوى دخول الغاية. إذ لم يتميّز عن المعنى بفصل محسوس موقوفة على الثبوت ، وغاية ما يقتضيه عدم التمييز إدخاله احتياطا وليس الكلام فيه وكون ـ إلى ـ بمعنى مع أحيانا نحو ويزدكم قوّة إلى قوّتكم إنّما يجدى لو ثبت كونها هنا كذلك وهو غير ثابت ، ونحن إنّما استفدنا وجوب غسل المرافق مع اليد من بيان أئمّتنا ـ صلوات الله عليهم ـ قولا وفعلا ، وقد أطبق جماهير الأمّة على دخوله في الغسل ، وإنّما خالف في ذلك جماعة من العامّة (٢) لا اعتداد بهم ولا بخلافهم. هذا ، وكون ـ إلى ـ لانتهاء
__________________
ـ المصنف هنا انظر ص ٤٣ من ج ٣٢ الطبعة الأخيرة ، ونسب الاستدلال كذلك إلى الشافعي نفسه في ج ١١ ص ١٥٣ ، ومما استدل به العلامة الهمداني قدسسره ـ في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص ٩٥ ط إيران ١٣٥٣ على لزوم النية في خصوص الوضوء ، وأنه عبادي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر قال : إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم من يطيعه ومن يعصيه ، وأن المؤمن لا ينجسه شيء إنما يكفيه مثل الدهن ج ١ ب ٥٢ من أبواب الوضوء من الوسائل.
(١). ٢ ـ ٢٨٠.
(٢) قال الشافعي في الأم ص ٢٥ ج ١ قال الله جل وعز (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فلم أعلم مخالفا في أن المرافق مما يغسل. انتهى ، ونسب عدم وجوب إدخالها في الغسل إلى بعض أهل الظاهر بل إلى داود الظاهري وأبى بكر بن داود ، وبعض متأخري أصحاب مالك وزفر ، وعن مالك روايتان انظر المغني لابن قدامة ج ١ ص ١٢٢ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٠ ورحمة الأمة بهامش الميزان للشعرانى ص ١٧ والخلاف ج ١ ص ١٠ وتفسير الإمام الرازي ج ١١ ص ١٥٩ المسئلة الثلاثون من مسائل آية الوضوء ، وأحكام القرآن لابن العربي ص ٥٦٥.