(وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) ويخرجوا الزكاة المفروضة من أموالهم ، وذكرهما بالخصوص بعد مطلق العبادة يدلّ على زيادة الاعتناء بشأنهما بالنسبة إلى غيرهما ، (وَذلِكَ) المشار إليه ما تقدّم من العبادة على وجه الإخلاص ، وإقامة الصلاة فإيتاء الزكاة.
(دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي دين الملّة القيّمة ، فإنّما قدّر الملّة لأنّه إذا لم يقدر ذلك كان إضافة الشيء إلى صفته ، وهو غير جائز لأنّه بمنزلة إضافة الشيء إلى نفسه كذا قاله الطبرسي في مجمع البيان.
وفيه نظر فإنّا لا نسلّم عدم جواز هذه الإضافة مطلقا كيف والمانع منها إنّما هو البصريّون (١) فقط ، وأمّا الكوفيّون فإنّهم يجوّزون هذه الإضافة على أنّ البصريّين إنّما يمنعونها مع إفادة الصفتيّة لا مطلقا صرّح بذلك الشيخ الرضىّ ، ولهذا يجوّزون الإضافة البيانيّة. فتأمّل.
والقيّمة : المستمرّة في جهة الصواب فهو على وزن فعيلة أو فيعلة (٢) من قام بالأمر يقوم به إذا أجراه في جهة الاستقامة.
واستدلّ بالآية على وجوب النيّة في كلّ عبادة حتّى الطهارات الثلاث مائيّة وترابيّة نظرا إلى أنّه تعالى بيّن أنّ المأمور به العبادة على وجه الإخلاص ولا يمكن الإخلاص إلّا بالنيّة والقربة. والطهارة عبادة لقوله صلىاللهعليهوآله : الوضوء شطر الإيمان (٣)
__________________
(١) هذا أعنى جواز إضافة الاسم إلى ما يوافقه في المعنى من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين انظر الرقم ٦١ ص ٤٣٦ من الانصاف ، واختار ابن الأنباري مذهب البصريين من المنع ، والحق ما اختاره المصنف هنا من الجواز لمجيئه في القرآن وكلام العرب كثيرا مثل (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ). و (لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ). و (جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ). و (ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ) ومن ذلك قولهم : صلاة الاولى ، ومسجد الجامع ، وما تأوله البصريون تكلف لا داعي له.
(٢) هذا أيضا من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين انظر الرقم ١١٥ ص ٧٩٥ من كتاب الانصاف.
(٣) الحديث رواه في الكافي باب النوادر قبل كتاب الحيض عن السكوني عن أبي عبد الله وهو في مرآت العقول ج ٣ ص ٣٦ الحديث الثامن ، وفي الوسائل الباب ١ من أبواب الوضوء ـ