وقيل : هي الخصال الثلاثون المحمودة المذكورة : عشر منها في برأيه (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) ، وعشر في الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) وعشر في كلّ من المؤمنين ، وسئل سائل إلى قوله (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).
وقيل : غير ذلك إلّا أنّ المشهور أنّها السنن الحنيفيّة العشرة (١) الّتي كانت في شريعته فرضا ، وهي في شريعة نبيّنا ـ صلوات الله عليه وآله ـ سنّة. خمس في الرأس : وهي المضمضة والاستنشاق والفرق وقصّ الشارب والسواك ، وخمس في البدن : وهي الختان وحلق العانة وتقليم الأظفار ونتف الإبطين والاستنجاء بالماء ، وعلى هذا ففي الآية دلالة على استحباب ذلك ، ولا ينافيه كونها في شريعة من قبلنا وشريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ناسخة لها لأنّ المراد نسخ المجموع من حيث هو مجموع ، ولا ينافيه ثبوت بعض الأحكام والطبرسي في مجمع البيان بعد أن ذكر الحنيفيّة العشرة قال : فهذه الحنيفيّة الظاهرة الّتي جاء بها إبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ فلم تنسخ ولا تنسخ إلى يوم القيمة وهو قوله تعالى (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ذكره علىّ بن إبراهيم في تفسيره ، وحينئذ فتكون من شريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، ولعلّ المراد بالختان ما وقع قبل البلوغ فإنّه بعده من الواجبات لا من السنن. فتأمّل :
(قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) إن جعلت العامل في ـ إذ ـ مضمرا كان هذا استينافا كأنّه قيل : فما ذا قال له ربّه حين أتمّهنّ. فأجيب بذلك ، ويحتمل أن يكون بيانا لقوله ابتلى كما أشرنا أنّ ذلك أحد الأقوال في الكلمات ، وإن جعلت عامل ـ إذ ـ قال كان المجموع جملة معطوفة على ما قبلها.
والإمام المقتدى به في أفعاله وأقواله وله الرئاسة العامّة في الأمور الدينيّة والدنيويّة ، وفي الكشّاف هو اسم لمن يؤتمّ به كالإزار اسم لما يؤتزر به يعني يأتمّون بك في دينهم.
(قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) عطف على الكاف في جاعلك يعنى وبعض ذرّيّتي وهو من
__________________
(١) انظر تعليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ٥٥ في وهن هذا التفسير.