فيها أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام لأخذ سورة براءة من أبي بكر وقراءتها على أهل الموسم فقرأها ونادى ألا لا يحجّنّ بعد هذا العام مشرك.
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) أي فقرا واحتياجا بسبب انقطاع السوابل لمنع المشركين من التردّد إلى مكّة للتجارة ، وقد كان لكم بقدومهم كسب وإرفاق من جهة المعاش.
(فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي من عطائه أو تفضّله بوجه آخر غير تردّد المشركين ، وقد أنجز وعده بأن أرسل السماء عليهم مدارا ووفّق أهل تبالة وجرش (١) فأسلموا وامتازوا لهم. ثمّ فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجّه إليهم الناس من أقطار الأرض.
(إِنْ شاءَ) قيّده بمشيئته ليقطع الآمال عن طلب الغنا إلّا منه. وقيل : لأنّ الغنا الموعود يكون لبعض دون بعض ، وفي عام دون عام لأغراض ومقاصد لا يعلمها إلّا الله ولهذا ختم الآية بقوله :
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بأحوالكم (حَكِيمٌ) لا يعطى ولا يمنع إلّا عن حكمة وصواب.
التاسعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قد تقدّم الوجه في تخصيص الخطاب بهم.
(إِنَّمَا الْخَمْرُ) الظاهر أنّ المراد به كلّ شراب مسكر ، ولا يختصّ بعصير العنب.
__________________
(١) تبالة بالفتح وجرش بضم الجيم. ثم الفتح وشين معجمه موضعان باليمن أسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب فأقرهما رسول الله (ص) في أيدي أهلهما على ما أسلموا عليه ، وكان فتحهما في سنة عشر وهما مما يضرب المثل بخصبهما قال لبيد في معلقته المعروفة :
فالضيف والجار الجنب كأنما |
|
هبطا تبالة مخصبا أهفامها |
إنما يعني نفسه إذا نزل به الضيف صادف عنده من الخصب والفواكه والرطب ما يصادفه بتبالة إذا هبطها. انظر شرح ابن الأنباري على المعلقات ص ٥٨٩.
(٢) المائدة ٩٠.