فقيل : إنّه يحصل باستتار القرص عن الأفق وعليه أخبار معتبرة الإسناد وعمل عليها بعض الأصحاب.
وقيل : إنّما يحصل بذهاب الحمرة المشرقيّة ، وعليه أخبار لا تخلو من ضعف إلّا أنّ الأكثر من الأصحاب عليها فلعلّ ذلك جائز لضعفها مع أنّها كالمقيّدة لإطلاق الأخبار الأوّلة والاحتياط فيها.
(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) معتكفون فيها ، والاعتكاف في الشريعة هو اللبث في المسجد على وجه خاصّ بقصد القربة ، ومقتضى النهي تحريم المباشرة حال الاعتكاف ليلا ونهارا إذ الليل داخل فيه على ما علم بيانه من الأخبار ، وأمّا أنّ المباشرة مفسدة له كما حكم به البيضاوي وصاحب الكشّاف فغير ظاهر من النهي فإنّه إنّما يوجب الفساد في العبادة لو تعلّق بها نفسها أو جزئها أو شرطها الشرعيّ المأمور به وهو
__________________
ـ أنهم جعلوا ذهاب الحمرة علامة المغرب وبعضها أبيه عن هذا الحمل ، وكيف يحكم بصلاة الامام الصادق (ع) منفردا عن الناس المروية في حديث أبان بن تغلب والربيع بن سليمان وأبان بن أرقم على التقية ، وحمل بعضهم أخبار الحمرة على كونها بيانا لموضوع الحكم في الطائفة الاولى وشارحة لها ، ولا يخفى عليك أن غروب الشمس ليس أمرا مجملا يحتاج إلى الشرح ، والغروب وسقوط الشمس من المفاهيم الواضحة عند العرف التي لا يرتاب فيها أحد ، وما الموجب لذكر لفظ الغروب وإرادة معنى آخر بعنوان الشرح والحكومة ، ولا يمكن ذلك بالنسبة إلى كثير منها المصرحة بغياب القرص أو غياب كرسي الشمس ثم تفسير الكرسي بالقرص مع أن لسان أكثر الطائفة الثانية يأبى عن أن يكون لسان الشرح والحكومة كما لا يخفى على من تدبر.
والذي يلوح لي أن الذي هو موضوع الحكم هو الغروب المتحقق باستتار القرص المتبين معناه عند كل أحد وهو الذي نزل به جبرئيل على محمد (ص) على ما نطق به حديث أبي أسامة الشحام المروي في التهذيب ج ٢ ص ٢٨ الرقم ٨٠ والاستبصار ج ١ ص ٢٦٢ الرقم ٩٤٣ إلا أن إحراز الموضوع لازم على المكلفين ولا يجوز ترتيب أثر الغروب قبل اليقين بحصوله ، وقبل زوال احتمال كون الشمس محجوبة بحائل من جبل ونحوه ، وأخبار التأخير إنما وردت إرشادا إلى لزوم حصول اليقين ، ولذلك تراها مختلفة في بعضها ذكر ذهاب الحمرة وفي بعضها تجاوزها عن قمة الرأس وفي بعضها تغير الحمرة وفي بعضها إقبال الحمة من المشرق يعنى السواد ، وفي بعضها بدو نجم وفي بعضها بدو أنجم ثلاثة ، وفي بعضها التسمية بالمغرب قليلا من دون ذكر ـ