(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أى من النجاسات وهذا هو المتبادر منها ، ويؤيّده أنّ الكفّار لا يتطهّرون من النجاسات فورد ذلك ردّا عليهم ، وإطلاق التطهير مقيّدا بالماء المطلق لأنّه المفهوم منه. إذ لا عرف في التطهير بغيره ، والأصل عدم النقل فاندفع استدلال السيّد المرتضى على جواز إزالة النجاسة بالمضاف نظرا إلى إطلاق التطهير ، وعدم تقييده بالماء ، وما ذكره من أنّ تطهير الثوب لا يراد به أكثر من إزالة النجاسة عنه وقد زالت بغير الماء شاهده. مدفوع بأنّا لا نسلّم أنّ المراد بالتطهير الإزالة مطلقا بل على الوجه المعتبر في الشريعة ولا يلزم من زوالها في الحسّ زوالها على ذلك الوجه فإنّ الثوب لو يبس بلله بالماء النجس أو بالبول لم يطهر إجماعا ، وإن زالت النجاسة عنه.
وبالجملة فالنجاسة حكم شرعيّ لا يزول عن المحلّ إلّا بحكم شرعيّ ، ومع الغسل بالماء يحصل الامتثال قطعا فيكون مرادا في الآية بخلاف غيره ، والمحقّق بعد أن نقل احتجاج السيّد بالآية على جواز إزالة النجاسة بالمضاف نظرا إلى إطلاق التطهير أجاب بمنع دلالتها على موضع النزاع فإنّها دالّة على وجوب التطهير. والبحث ليس فيه بل في كيفيّة الإزالة (١). ثمّ اعترض بأنّ الطهارة إزالة النجاسة كيف كان ، وأجاب بأنّ هذا أوّل المسئلة.
وأورد ثانيا بأنّ الغسل بغير الماء يزيل عين الدنس فيكون طهارة ، وأجاب أوّلا بالمنع. فإنّ النجاسة إذا مازجت المائع شاعت فيه فالباقي في الثوب منه يتعلّق به حصّة من النجاسة ، ولأنّ النجاسة ربّما سرت في الثوب فسدّت مسامه فتمنع غير الماء من الولوج حيث هي وتبقى مرتمكة في محلّها ، ثمّ سلّم زوال عين النجاسة ثانيا وقال : لكن لا نسلّم زوال نجاسة تخلّفها فإنّ المائع بملاقاة النجاسة يصير عين النجاسة فالبلّة المتخلّفة منه في الثوب بعض المنفصل النجس فيكون نجسا أو نقول : للنجاسة الرطبة أثر في تعدّى حكمها إلى المحلّ كما أنّ النجاسة عند ملاقاة المائع تتعدّى
__________________
(١) هكذا نقل صاحب المعالم عن المحقق في فقه المعالم المطبوع بتبريز ١٣٢٢ ص ١٩٠ وكذا في الحدائق ج ١ ص ٤٠٣ ط النجف ، وليس في المعتبر انظر ص ٢٠ ط تهران ١٣١٨ مسئلة طهارة محل الخبث بالماء المضاف ، ولعله منقول عن بعض أجوبته في المسائل.