السابعة : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١).
(وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أي لا تجهر جهرا عظيما ولا تخافت كذلك بحيث يلحق بحديث النفس.
(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) أي قراءة وسطا بينهما قال الشيخ أبو جعفر في التبيان (٢) واختلفوا في الصلاة الّتي عنى بالآية فقال الحسن : لا تجهر بإشاعتها عند من يؤذيك ، ولا تخافت بها عند من يلتمسها منك ، وقال قوم : لا تجهر بدعائك ولا تخافت ، ولكن بين ذلك. قالوا : والمراد بالصلاة الدعاء ذهبت إليه عائشة وابن عبّاس وسعيد بن جبير وغيرهم وفي رواية أخرى عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا صلّى جهر في صلوته فسمع به المشركون فشتموه وآذوه وآذوا أصحابه فأمره الله بترك الجهر وكان ذلك بمكّة في أوّل الأمر وبه قال سعيد بن جبير ، وقال قوم : أراد لا تجهر بتشهّدك في الصلاة ولا تخافت بها روي ذلك عن عائشة في رواية أخرى ، وبه قال ابن سيرين ، وقال قوم : كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يصلّى بمكّة جهارا فأمر بإخفائها ذهب إليه عكرمة والحسن البصري ، وقال قوم : لا تجهر بصلاتك معناه تحسّنها مراياة في العلانية ، ولا تخافت بها تسئ القيام بها في السريرة روي ذلك الحسن وابن عبّاس وقتادة ثمّ قال ، وقال الطبرسي : يحتمل أن يكون المراد لا تجهر بصلاتك صلاة النهار ، ولا تخافت بها يعنى صلاة الليل الّتي تجهر فيها بالقراءة. قال : وهذا محتمل غير أنّه لم يقل به أحد من أهل التأويل. انتهى.
ومنه يعلم أنّ الاستدلال بها على وجوب الجهر للرجال في بعض الصلوات والإحفات فيما عداها بعيد ، ويمكن أن يقال : المتبادر منها النهي عن الجهر العالي الّذي يوجب شغل من يصلّى قربك ، وعن الإخفات الّذي لا يسمع نفسه ، ورواه أصحابنا
__________________
(١) اسرى ١١٠.
(٢) ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران.