له ، ويحتمل أن يكون إلّا صفة لقوله : جنبا : أى جنبا غير عابري سبيل بأن يكونوا مقيمين فيكون المنهي عنه وهو القربان في حالة الجنابة مقيّدا بالإقامة ، ومنه يعلم أنّ قرباتها حال الجنابة مع عدم الإقامة غير منهي عنه ، وقد يقال : على هذا الوجه إنّ حمل الآية على الصفة إنّما يكون مع تقدير حملها على الاستثناء وهو هنا غير متعذّر لما عرفته من الوجه الأوّل ، واستدلّ به على أن التيمّم لا يرفع الحدث وهو جيد إن أريد به في جميع الأوقات بحيث لا ينتقض بالتمكّن من استعمال الماء ، وإن أريد به إلى وقت وجود الماء فهو ممنوع بل الظاهر أنّه يرفعه إلى ذلك الوقت ، وإطلاق الجنب على المتيمّم قد يستفاد كما قد يستفاد من الآية تجوّزا.
والمراد بالجنب الّذي لم يغتسل كأنّه قيل : لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين حتّى تغتسلوا إلّا أن تكونوا مسافرين ، وبهذا صرّح في الكشّاف ، ويحتمل أن يراد من الصلاة في الموضعين مواضعها أعنى المساجد إمّا من تسمية المحلّ باسم الحالّ فإنّه نوع من المجاز شائع في كلام البلغاء أو على حذف مضاف ، والمعنى لا تقربوا المساجد في حالتين :
أحدهما : حالة السكر فإنّ الأغلب أنّ الّذي يأتي المسجد إنّما يأتيه للصلاة وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الإتيان بها على وجهها.
والثانية : حالة الجنابة ، واستثنى من هذه الحالة ما إذا كنتم عابري سبيل : أى مارّين في المسجد مجتازين فيه ، والعبور : الاجتياز ، وقوّى الطبرسي في مجمع البيان هذا القول لخلوّه عن شائبة التكرار فإنّه تعالى بيّن حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية فلو كان هذا بيانا لحكمة أيضا كان تكرارا ، وفيه نظر ، وقد يؤيّد هذا الوجه ما رواه زرارة ومحمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام قال : لا يدخل الجنب والحائض (١)
__________________
(١) انظر العلل ط قم ج ١ ص ٢٧٢ الباب ٢١٠ وانظر أيضا جامع أحاديث الشيعة ص ١٦٤ ج ١ الرقم ١٥٢٧ وللحديث تتمة لم يذكرها المصنف ، وروى قريبا منه أيضا العياشي في تفسيره نقلا في الجامع بالرقم ١٥٢٦.