والمنسك الموضع الّذي يذبح فيه النسايك. فيكون فيه جمع بين الصلاة والذبح كما في قوله (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) والمراد أفعال الحجّ فيكون فيه جمع بين الصلاة والحجّ.
(وَمَحْيايَ وَمَماتِي) أي ما أتيته في حياتي من الخيرات المنجزة وما علّقته على الموت كالوصايا والتدبير أو المراد ما أنا عليه في حياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح أو المراد بهما الحيوة والممات أنفسهما.
(لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ) خالصة له تعالى لا أشرك به غيره.
(وَبِذلِكَ) القول والإخلاص.
(أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) فإنّ إسلام النبيّ صلىاللهعليهوآله مقدّم على إسلام أمّته ، واستدلّ بالآية على وجوب النيّة في العبادات وكونها واقعة على جهة الإخلاص.
غير ملحوظ فيها الغير مطلقا : أي سواء كان الغير ظاهرا كالعبادة للأصنام أو الكواكب أو خفيّا كالرياء والسمعة ونحو ذلك.
قال بعض الأصحاب : إنّ قصد الثواب بالعبادة من الشرك ، وإنّه مناف للإخلاص الّذي هو إرادة وجه الله وحدة ، وإنّ من قصد ذلك فإنّما قصد جلب النفع إلى نفسه لا وجه الله سبحانه كما أنّ من عظم شخصا وأثنى عليه طمعا في ماله لا يعدّ مخلصا في ذلك التعظيم ، ونقل الفخر الرازي في تفسيره (١) اتّفاق المتكلّمين على أنّ من عبد الله للطمع في ثواب لم يصحّ عبادته أورده في تفسير قوله تعالى (تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وصرّح في تفسير أوائل سورة الفاتحة أنّ من قال : أصلي للثواب إنّه فسدت صلوته ، ويؤيّده ذلك ما نقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا ورغبة في ثوابك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (٢).
__________________
(١) انظر تفسيره ج ١٤ ص ١٣٥ عند تفسير الآية ٥٥ من سورة الأعراف.
(٢) أرسله في البحار ج ١٥ الجزء الثاني ص ٨٣ عن الشيخ البهائي ونقله مرسلا أيضا في ج ٩ ص ٥١١ وكذا في الوافي الجزء الثالث ص ٧٠ وأرسله أيضا ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ج ٥ ص ٣٦١ ط ١٣٨٤ من منشورات مؤسسة النصر عند شرح الرقم ٢٢٣ من الحكم (إن قوما عبدوا الله إلخ) وهو في ط فيض الإسلام في ص ١١٨٢.