وفيه نظر لأنّا لا نسلّم أنّ قصد الثواب مناف للإخلاص ، وقد وقع في القرآن المجيد (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) أى رغبا في الثواب ورهبا من العذاب على أنّ قصد الثواب لا يخرج العمل عن ابتغاء وجه الله تعالى فإنّ الثواب لمّا كان عنده تعالى فمبتغيه يبتغى وجه الله ، ولا يقدح كون تلك الغاية باعثة على العبادة فإنّ الكتاب والسنة تشتمل على كلّ منهما على المرهبات والمرغبات ، وأيضا ما نقل عنه صلىاللهعليهوآله لا يدلّ على عدم جواز قصد الثواب بل على أنّه عليهالسلام لم يكن فعله لذلك ، وإنّما عبادته لكونه تعالى أهلا لها. فجاز أن يكون ذلك من خصائص مثله عليهالسلام فلا ينافي جواز ذلك القصد في غيره ، وهو ظاهر.
ويؤيّد ذلك ما رواه الكليني بطريق حسن عن هارون بن خارجة عن الصادق عليهالسلام ، قال العبّاد ثلاثة : قوم عبدوا الله ـ عزوجل ـ خوفا فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء وقوم عبدوا الله حبّا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة (١) فإن حكمه عليهالسلام بأفضليّة هذه العبادة يعطي أنّ العبادة على
__________________
(١) رواه في الكافي باب العبادة من الأصول الحديث ٥ وهو في المرآة ج ٢ ص ١٠٠ والبحار ج ١٥ الجزء الثاني ص ٨٣ وشرح الأصول للمولى محمد صالح المازندراني ج ٨ ص ٢٥١ والشافي شرح ملا خليل القزويني على أصول الكافي ج ٢ ص ١٦٥ وفي جامع أحاديث الشيعة ص ١٠٤ من أبواب المقدمات الرقم ٧٦١ وفي الوسائل الباب ٩ من أبواب مقدمة العبادات الحديث ١ ص ١٠ ط أمير بهادر ، وفي الوافي الجزء الثالث ص ٧١ ووصف الحديث العلامة بالحسن.
وقد عرفت غير مرة أن الحديث من طريق إبراهيم بن هاشم صحيح قال العلامة المجلسي في بعض النسخ : العباد ثلاثة فلا يحتاج إلى تقدير ، وفي بعضها العبادة فيحتاج إلى تقدير اما في العبادة أى ذوو العبادة أو في الأقوام ، أي عبادة قوم قلت : يؤيد النسخة الثانية ما في ذيل الرواية وهي أفضل العبادة ، واستدل العلامة في البحار والمرآة والمحدث الكاشاني والمازندراني أيضا بالحديث على صحة العبادة بكلا الوجهين الآخرين كما أفاده المصنف هنا ، ونبه القزويني بنكتة قل من تنبه لها وهي : أن المراد بالعبادة بالوجه الثالث كونها مقرونة بالخوف والرجاء معا كي لا ينافي الحديث ما ورد ـ